وروي أن رجلا صحب الحسن في طريق، فلما فارقه قال: أوصني رحمك الله!
قال: إن استطعت أن تعرف ولا تعرف، وتمشي ولا يمشى إليك، وتسأل ولا تسأل، فافعل.
وخرج أيوب السختياني في سفر، فشيعه قوم، فقال: لولا أني أعلم أن الله يعلم من قلبي أني لهذا كاره، لخشيت المقت من الله.
وعوتب أيوب على تطويل قميصه، فقال: إن الشهرة كانت فيما مضى في طوله، وهي اليوم في قصره.
وقال بعضهم: كنت مع أبي قلابة، إذ دخل رجل عليه كساء، فقال: إياكم وهذا الحمار الناهق - يشير به إلى طالب شهرة.
وقال رجل لبشر بن الحارث: أوصني، فقال: أخمل ذكرك، وطيب مطعمك.
وكان حوشب يبكي ويقول: بلغ اسمي المسجد الجامع.
وقال بشر: ما أعرف رجلا أحب أن يعرف إلا ذهب دينه وافتضح.
وقال أيضا: لا يجد حلاوة الآخرة رجل يحب أن يعرفه الناس.
فهذه الآثار قليل مما ورد عن الصالحين رحمهم الله في ذم الرياء وكون الشهرة طريقا إلى الفتنة.
(فصل في مدح الخمول والجنوح إلى العزلة) وقد صرح أمير المؤمنين عليه السلام في مدح الأبرار - وهم القسم الخامس - بمدح الخمول، فقال: " قد أخملتهم التقية "، يعني الخوف.
وقد ورد في الاخبار والآثار شئ كثير في مدح الخمول.
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " رب أشعث أغبر ذي طمرين لا يؤبه له،