من أخبار الخوارج أيضا وروى إبراهيم بن الحسن بن ديزيل المحدث في كتاب صفين عن عبد الرحمن ابن زياد، عن خالد بن حميد المصري، عن عمر مولى غفرة، قال: لما رجع علي (ع) من صفين إلى الكوفة، أقام الخوارج حتى جموا (1)، ثم خرجوا إلى صحراء بالكوفة تسمى حروراء، فنادوا: لا حكم إلا لله ولو كره المشركون، ألا إن عليا ومعاوية أشركا في حكم الله.
فأرسل علي (ع) إليهم عبد الله بن عباس، فنظر في أمرهم وكلمهم، ثم رجع إلى علي (ع)، فقال له: ما رأيت؟ فقال ابن عباس: والله ما أدرى ما هم! فقال له علي (ع): رأيتهم منافقين! قال: والله ما سيماهم بسيماء المنافقين، إن بين أعينهم لأثر السجود وهم يتأولون (2) القرآن. فقال علي (ع): دعوهم، ما لم يسفكوا دما، أو يغصبوا مالا، وأرسل إليهم: ما هذا الذي أحدثتم؟ وما تريدون؟ قالوا: نريد أن نخرج نحن وأنت ومن كان معنا بصفين ثلاث ليال، ونتوب إلى الله من أمر الحكمين، ثم نسير إلى معاوية، فنقاتله حتى يحكم الله بيننا وبينه، فقال علي (ع): فهلا قلتم هذا حين (3) بعثنا الحكمين وأخذنا منهم العهد، وأعطيناهموه! ألا قلتم هذا حينئذ!
قالوا: كنا قد طالت الحرب علينا، واشتد البأس، وكثر الجراح، وخلا الكراع والسلاح، فقال لهم: أفحين اشتد البأس عليكم، عاهدتم، فلما وجدتم الجمام قلتم ننقض العهد! إن رسول الله كان يفي للمشركين، أفتأمرونني بنقضه!
فمكثوا مكانهم لا يزال الواحد منهم يرجع إلى علي (ع)، ولا يزال الاخر