خلقه، ثم ارتضى له أصحابا، وكان خيارهم قريشا. ثم بنى هذا الملك عليهم، وجعل هذه الخلافة فيهم، فلا يصلح الامر إلا بهم، وقد كان الله يحوطهم في الجاهلية وهم على كفرهم، أفتراه لا يحوطهم وهم على دينه! أف لك ولأصحابك! أما أنت يا صعصعة، فإن قريتك شر القرى! أنتنها نبتا، وأعمقها واديا، وألأمها جيرانا، وأعرفها بالشر، لم يسكنها شريف قط ولا وضيع إلا سب بها، نزاع الأمم وعبيد فارس. وأنت شر قومك! أحين أبرزك الاسلام، وخلطك بالناس، أقبلت تبغي دين الله عوجا، وتنزع إلى الغواية! إنه لن يضر ذلك قريشا ولا يضعهم، ولا يمنعهم من تأدية ما عليهم، إن الشيطان عنكم لغير غافل، قد عرفكم بالشر، فأغراكم بالناس، وهو صارعكم، وإنكم لا تدركون بالشر أمرا إلا فتح عليكم شر منه وأخزى. قد أذنت لكم فاذهبوا حيث شئتم، لا ينفع الله بكم أحدا أبدا ولا يضره، ولستم برجال منفعة ولا مضرة، فإن أردتم النجاة، فالزموا جماعتكم ولا تبطرنكم النعمة، فإن البطر لا يجر خيرا. اذهبوا حيث شئتم، فسأكتب إلى أمير المؤمنين فيكم.
وكتب إلى عثمان:
إنه قدم علي قوم ليست لهم عقول ولا أديان، أضجرهم العدل، لا يريدون الله بشئ، ولا يتكلمون بحجة، إنما همهم الفتنة، والله مبتليهم ثم فاضحهم، وليسوا بالذين نخاف نكايتهم، وليسوا الأكثر ممن له شغب ونكير.
ثم أخرجهم من الشام (1).
* * * وروى أبو الحسن المدائني: أنه كان لهم مع معاوية بالشام مجالس طالت فيها المحاورات والمخاطبات بينهم، وأن معاوية قال لهم في جملة ما قاله: إن قريشا قد عرفت أن أبا سفيان