يرجع عن استئثاره، وكان الواجب عليكم ألا تجعلوا جزاءه عما أذنب القتل، بل الخلع والحبس وترتيب غيره في الإمامة.
ثم قال: ولله حكم سيحكم به فيه وفيكم.
(اضطراب الامر على عثمان ثم أخبار مقتله) ويجب أن نذكر في هذا الموضع ابتداء اضطراب الامر على عثمان إلى إن قتل.
وأصح ما ذكر في ذلك ما أورده أبو جعفر محمد بن جرير الطبري في " التاريخ " (1).
وخلاصة ذلك أن عثمان أحدث أحداثا مشهورة نقمها الناس عليه، من تأمير بني أمية، ولا سيما الفساق منهم وأرباب السفه وقلة الدين، وإخراج مال الفئ إليهم، وما جرى في أمر عمار وأبي ذر وعبد الله بن مسعود، وغير ذلك من الأمور التي جرت في أواخر خلافته. ثم اتفق أن الوليد بن عقبة لما كان عامله على الكوفة وشهد عليه بشرب الخمر، صرفه وولى سعيد بن العاص مكانه، فقدم سيعد الكوفة، واستخلص من أهلها قوما يسمرون عنده، فقال سعيد يوما: إن السواد بستان لقريش وبني أمية. فقال الأشتر النخعي: وتزعم أن السواد الذي أفاءه الله على المسلمين بأسيافنا بستان لك ولقومك!
فقال صاحب شرطته: أترد على الأمير مقالته! وأغلظ له، فقال الأشتر لمن كان حوله من النخع وغيرهم من أشراف الكوفة: ألا تسمعون! فوثبوا عليه بحضرة سعيد فوطئوه وطأ عنيفا، وجروا برجله، فغلظ ذلك على سعيد، وأبعد سماره فلم يأذن بعد لهم، فجعلوا يشتمون سعيدا في مجالسهم، ثم تعدوا ذلك إلى شتم عثمان، واجتمع إليهم ناس كثير، حتى غلظ أمرهم، فكتب سعيد إلى عثمان في أمرهم، فكتب إليه أن يسيرهم إلى الشام، لئلا يفسدوا أهل الكوفة، وكتب إلى معاوية وهو والي الشام: إن نفرا من أهل الكوفة