ليس في زماني أحد أقوى على ما أنا فيه مني، ولقد رأى عمر بن الخطاب ذلك، فلو كان غيري أقوى مني لم يكن عند عمر هوادة لي ولا لغيري، ولم أحدث (1) ما ينبغي له أن أعتزل عملي، فلو رأى ذلك أمير المؤمنين لكتب إلي (بخط يده) (2) فاعتزلت عمله، فمهلا فإن في دون ما أنتم فيه ما يأمر فيه الشيطان وينهى. ولعمري لو كانت الأمور تقضى على رأيكم و أهوائكم، ما استقام الامر لأهل الاسلام يوما ولا ليلة، فعاودوا الخير وقولوه، فإن الله ذو سطوات، وإني خائف عليكم أن تتابعوا إلى مطاوعة الشيطان ومعصية الرحمن.
فيحلكم ذلك دار الهون في العاجل والآجل.
فوثبوا على معاوية فأخذوا برأسه ولحيته، فقال: مه إن هذه ليست بأرض الكوفة، والله لو رأى أهل الشام ما صنعتم بي (وأنا إمامهم) (2) ما ملكت أن أنهاهم عنكم حتى يقتلوكم، فلعمري إن صنيعكم يشبه بعضه بعضا.
ثم قام من عندهم، وكتب إلى عثمان في أمرهم (3)، فكتب إليه إن ردهم إلى سعيد بن العاص بالكوفة. فردهم، فأطلقوا ألسنتهم في ذمه وذم عثمان وعيبهما. فكتب إليه عثمان أن يسيرهم إلى حمص، إلى عبد الرحمن بن خالد بن الوليد، فسيرهم إليها (4).
* * *