وروى الواقدي، قال: لما سير بالنفر الذين طردهم عثمان عن الكوفة إلى حمص - وهم:
الأشتر، وثابت بن قيس الهمداني، وكميل بن زياد النخعي، وزيد بن صوحان، وأخوه صعصعة، وجندب (1) بن زهير الغامدي، وجندب (1) بن كعب الأزدي، وعروة بن الجعد، وعمرو بن الحمق الخزاعي، وابن الكواء - جمعهم عبد الرحمن بن خالد بن الوليد، بعد أن أنزلهم أياما، وفرض لهم طعاما، ثم قال لهم: يا بني الشيطان، لا مرحبا بكم ولا أهلا، قد رجع الشيطان محسورا، وأنتم بعد في بساط ضلالكم وغيكم! جزى الله عبد الرحمن إن لم يؤذكم!
يا معشر من لا أدري أعرب هم أم عجم! أتراكم تقولون لي ما قلتم لمعاوية! أنا ابن خالد بن الوليد! أنا ابن من عجمته العاجمات، أنا ابن فاقئ عين الردة، والله يا بن صوحان لأطيرن بك طيرة بعيدة المهوى، إن بلغني أن أحدا ممن معي دق أنفك فأقنعت (2) رأسك.
قال: فأقاموا عنده شهرا، كلما ركب أمشاهم معه، ويقول لصعصعة: يا بن الخطيئة، إن من لم يصلحه الخير أصلحه الشر! ما لك لا تقول كما كنت تقول لسعيد ومعاوية!
فيقولون: سنتوب إلى الله، أقلنا أقالك الله! فما زال ذاك دأبه ودأبهم، حتى قال: تاب الله عليكم. فكتب إلى عثمان يسترضيه عنهم، ويسأله فيهم، فردهم إلى الكوفة.
* * * قال أبو جعفر محمد بن جرير الطبري رحمه الله تعالى: ثم أن سعيد بن العاص قدم على عثمان سنة إحدى عشرة من خلافته. فلما دخل المدينة اجتمع قوم من الصحابة، فذكروا سعيدا وأعماله، وذكروا قرابات عثمان وما سوغهم من مال المسلمين، وعابوا أفعال عثمان، فأرسلوا إليه عامر بن عبد القيس - وكان متألها (4)، واسم أبيه عبد الله، وهو من تميم، ثم من بني العنبر - فدخل على عثمان، فقال له: إن ناسا من الصحابة