قال أبو جعفر في التاريخ: ثم إن أهل المدينة تفرقوا عنه، ولزموا بيوتهم، لا يخرج أحد منهم إلا بسيفه يمتنع به، فكان حصاره أربعين يوما.
وروى الكلبي والواقدي والمدائني: أن محمد بن أبي بكر، ومحمد بن أبي حذيفة كانا بمصر يحرضان الناس على عثمان، فسار محمد بن أبي بكر مع من سار إلى عثمان، وأقام محمد بن أبي حذيفة بمصر، ثم غلب عليها لما سار عبد الله بن سعد بن أبي سرح عامل عثمان عنها إلى المدينة في أثر المصريين، بإذن عثمان له، فلما كان بأيلة، بلغه أن المصريين قد أحاطوا بعثمان وأنه مقتول، وأن محمد بن أبي حذيفة قد غلب على مصر، فعاد عبد الله إلى مصر، فمنع عنها، فأتى فلسطين، فأقام بها حتى قتل عثمان (1).
وروى الكلبي، قال: بعث عبد الله بن سعد بن أبي سرح رسولا من مصر إلى عثمان يخبره بنهوض من نهض من مصر إليه، وأنهم قد أظهروا العمرة، وقصدهم خلعه أو قتله، فخطب عثمان الناس، وأعلمهم حالهم، وقال: إنهم قد أسرعوا إلى الفتنة واستطالوا عمري، والله إن فارقتهم ليتمنين كل منهم أن عمري كان طال عليهم مكان كل يوم سنة، مما يرون من الدماء المسفوكة، والإحن والإثرة الظاهرة، والاحكام المغيرة (2).
* * * وروى أبو جعفر، قال: كان عمرو بن العاص ممن يحرض على عثمان ويغري به، ولقد خطب عثمان يوما في أواخر خلافته، فصاح به عمرو بن العاص، اتق الله يا عثمان، فإنك قد ركبت أمورا وركبناها معك، فتب إلى الله نتب! فناداه عثمان! وإنك هاهنا يا بن النابغة! قملت والله جبتك منذ نزعتك عن العمل. فنودي من ناحية أخرى:
تب إلى الله، ونودي من أخرى مثل ذلك، فرفع يديه إلى السماء، وقال: اللهم إني أول التائبين! ثم نزل (2).
* * *