وهذه الألفاظ من خطبة خطب بها عليه السلام بعد خديعة ابن العاص لأبي موسى وافتراقهما، وقبل وقعة النهروان (قصة التحكيم ثم ظهور أمر الخوارج) ويجب أن نذكر في هذا الفصل أمر التحكيم، كيف كان، وما الذي دعا إليه!
فنقول:
إن الذي دعا إليه طلب أهل الشام له، واعتصامهم به من سيوف أهل العراق، فقد كانت إمارات القهر والغلبة لاحت، ودلائل النصر والظفر وضحت، فعدل أهل الشام عن القراع إلى الخداع، وكان ذلك برأي عمرو بن العاص.
وهذه الحال وقعت عقيب ليلة الهرير (1)، وهي الليلة العظيمة التي يضرب بها المثل.
* * * ونحن نذكر ما أورده نصر بن مزاحم في كتاب صفين في هذا المعنى، فهو ثقة ثبت، صحيح النقل، غير منسوب إلى هوى ولا إدغال، وهو من رجال أصحاب الحديث، قال نصر:
حدثنا عمرو بن شمر، قال: حدثني أبو ضرار، قال: حدثني عمار بن ربيعة، قال:
غلس علي عليه السلام بالناس صلاة الغداة يوم الثلاثاء، عاشر شهر ربيع الأول، سنة سبع وثلاثين. وقيل: عاشر شهر صفر، ثم زحف إلى أهل الشام بعسكر العراق، والناس على راياتهم وأعلامهم، وزحف إليهم أهل الشام، وقد كانت الحرب أكلت الفريقين، ولكنها