الذي خرج باقي الكلام منه، ولا من الخاطر الذي صدر ذلك السجع عنه، ولعمر الله، لقد جملت الخطبة وحسنتها وزانتها، وما مثلها فيها إلا كآية من الكتاب العزيز يتمثل بها في رسالة أو خطبة، فإنها تكون كاللؤلؤة المضيئة تزهر وتنير، وتقوم بنفسها، وتكتسي الرسالة بها رونقا، وتكتسب بها ديباجة.
وإذا أردت تحقيق ذلك، فانظر إلى السجعة الثانية التي تكلفها ليوازنها بها، وهي قوله: " ولا قعدوا عن صون ديارهم إلا اضمحلوا "، فإنك إذا نظرت إليها وجدت عليها من التكلف والغثاثة ما يقوي عندك صدق ما قلته لك.
على أن في كلام ابن نباتة في هذا الفصل ما ليس بجيد، وهو قوله: " وحرز طهر الله به أجسامكم " فإنه لا يقال في الحرز إنه يطهر الأجسام، ولو قال عوض " طهر ": حصن الله به أجسامكم، لكان أليق، لكنه أراد أن يقول: " طهر " ليكون بإزاء " وفر " وبإزاء " أظهر "، فأداه حب التقابل إلى ما ليس بجيد.
(غارة سفيان بن عوف الغامدي على الأنبار) فأما أخو غامد الذي وردت خيله الأنبار، فهو سفيان بن عوف بن المغفل الغامدي وغامد قبيلة من اليمن، وهي من الأزد، أزد شنوءة، واسم غامد عمر بن عبد الله بن كعب بن الحارث بن كعب بن عبد الله بن مالك بن نصر بن الأزد. وسمى غامدا لأنه كان بين قومه شر فأصلحه وتغمدهم بذلك.
روى إبراهيم بن محمد بن سعيد بن هلال الثقفي (1) في كتاب " الغارات " عن أبي الكنود، قال: حدثني سفيان بن عوف الغامدي، قال: دعاني معاوية، فقال: إني باعثك في جيش كثيف، ذي أداة وجلادة، فالزم لي جانب الفرات، حتى تمر بهيت (2)