أيها الناس، إن أخوف ما أخاف عليكم اثنتان اتباع الهوى وطول الامل، فأما اتباع الهوى فيصد عن الحق وأما طول الامل فينسى الآخرة.
ألا وإن الدنيا قد ولت حذاء فلم يبق منها إلا صبابة كصبابة الاناء، اصطبها صابها. ألا وإن الآخرة قد أقبلت، ولكل منهما بنون، فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا، فإن كل ولد سيلحق بأمه يوم القيامة، وإن اليوم عمل ولا حساب، وغدا حساب ولا عمل.
قال الرضى رحمه الله:
أقول: الحذاء: السريعة، ومن الناس من يرويه: جذاء بالجيم والذال، أي انقطع درها وخيرها.
الصبابة: بقية الماء في الاناء. واصطبها صابها، مثل قولك: أبقاها مبقيها أو تركها تاركها، ونحو ذلك يقول: أخوف ما أخافه عليكم اتباع الهوى وطول الامل، أما اتباع الهوى فيصد عن الحق، وهذا صحيح لا ريب فيه، لان الهوى يعمى البصيرة وقد قيل: