اجتمعوا ونظروا في أعمالك، فوجدوك قد ركبت أمورا عظاما، فاتق الله وتب إليه.
فقال عثمان: انظروا إلى هذا، تزعم الناس أنه قارئ، ثم هو يجئ إلي فيكلمني فيما لا يعلمه! والله ما تدري أين الله! فقال عامر: بلى والله إني لأدري أن الله لبالمرصاد. (1) فأخرجه عثمان، وأرسل إلى عبد الله بن سعد بن أبي سرح، وإلى معاوية وسعيد ابن العاص وعمرو بن العاص وعبد الله بن عامر - وكان قد استقدم الامراء من أعمالهم - فشاورهم، وقال: إن لكل أمير وزراء ونصحاء، وإنكم وزرائي ونصحائي وأهل ثقتي، وقد صنع الناس ما قد رأيتم، وطلبوا إلي أن أعزل عمالي، وأن أرجع عن جميع ما يكرهون إلى ما يحبون، فاجتهدوا رأيكم.
فقال عبد الله بن عامر: أرى لك يا أمير المؤمنين أن تشغلهم عنك بالجهاد حتى يذلوا لك، ولا تكون همة أحدهم إلا في نفسه، وما هو فيه من دبر دابته (2) وقمل فروته.
وقال سعيد بن العاص: أحسم عنك الداء، واقطع عنك الذي تخاف، إن لكل قوم قادة متى يهلكوا يتفرقوا ولا يجتمع لهم أمر.
فقال عثمان: إن هذا لهو الرأي لولا ما فيه، وقال معاوية: أشير عليك أن تأمر أمراء الأجناد فيكفيك كل رجل منهم ما قبله، فأنا أكفيك أهل الشام.
وقال عبد الله بن سعد: إن الناس أهل طمع، فأعطهم من هذا المال، تعطف عليك قلوبهم.
فقال عمرو بن العاص: يا أمير المؤمنين، إنك قد ركبت الناس (3) ببني أمية، فقلت وقالوا، وزغت وزاغوا، فاعتدل أو اعتزل، فإن أبيت فاعزم عزما، وامض قدما.