فكان جوابه عليه السلام: " يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين " (1).
فتلكأوا عليه، وقالوا إن البرد شديد.
فقال: إنهم يجدون البرد كما تجدون. فتلكأوا وأبوا، فقال: أف لكم! إنها سنة جرت، ثم تلا قوله تعالى: " قالوا يا موسى إن فيها قوما جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون " (2).
فقام منهم ناس فقالوا: يا أمير المؤمنين، الجراح فاش في الناس - وكان أهل النهروان قد أكثروا الجراح في عسكر أمير المؤمنين عليه السلام - فارجع إلى الكوفة، فأقم بها أياما ثم اخرج، خار الله لك! فرجع إلى الكوفة عن غير رضا.
(أمر الناس بعد وقعة النهروان) وروى نصر بن مزاحم، عن عمر بن سعد، عن نمير بن وعلة، عن أبي وداك، قال:
لما كره القوم المسير إلى الشام عقيب واقعة النهروان، أقبل بهم أمير المؤمنين، فأنزلهم النخيلة، وأمر الناس أن يلزموا معسكرهم، ويوطنوا على الجهاد أنفسهم، وأن يقلوا زيارة النساء وأبنائهم، حتى يسير بهم إلى عدوهم، وكان ذلك هو الرأي لو فعلوه، لكنهم لم يفعلوا، وأقبلوا يتسللون ويدخلون الكوفة، فتركوه عليه السلام وما معه من الناس إلا رجال من وجوههم قليل، وبقي المعسكر خاليا، فلا من دخل الكوفة خرج إليه، ولا من أقام معه صبر. فلما رأى ذلك دخل الكوفة.
* * *