(30) ومن خطبة له عليه السلام في معنى قتل عثمان:
الأصل:
لو أمرت به لكنت قاتلا، أو نهيت عنه لكنت ناصرا، غير أن من نصره لا يستطيع أن يقول: خذله من أنا خير منه، ومن خذله لا يستطيع أن يقول:
نصره من هو خير مني. وأنا جامع لكم أمره، استأثر فأساء الأثرة، وجزعتم فأسأتم الجزع، ولله حكم واقع في المستأثر والجازع.
* * * الشرح:
هذا الكلام بظاهره يقتضي أنه ما أمر بقتله، ولا نهى عنه، فيكون دمه عنده في حكم الأمور المباحة التي لا يؤمر بها، ولا ينهى عنها. غير أنه لا يجوز أن يحمل الكلام على ظاهره، لما ثبت من عصمة دم عثمان. وأيضا فقد ثبت في السير والاخبار أنه كان عليه السلام ينهى الناس عن قتله، فإذن يجب أن يحمل لفظ النهي على المنع كما يقال: الأمير ينهى عن نهب أموال الرعية، أي يمنع، وحينئذ يستقيم الكلام لأنه عليه السلام ما أمر بقتله ولا منع عن قتله، وإنما كان ينهى عنه باللسان ولا يمنع عنه باليد.
فإن قيل: فالنهي عن المنكر واجب، فهلا منع من قتله باليد؟
قيل: إنما يجب المنع باليد عن المنكر إذا كان حسنا، وإنما يكون الانكار حسنا