وكل يسر بما عنده * يرى غث ما في يديه سمينا وما في علي لمستعتب * مقال سوى ضمه المحدثينا وإيثاره اليوم أهل الذنوب * ورفع القصاص عن القاتلينا إذا سيل عنه حذا شبهة * وعمى الجواب على السائلينا (1) فليس براض ولا ساخط * ولا في النهاة ولا الآمرينا ولا هو ساء ولا سره * ولا بد من بعض ذا أن يكونا وهذا شعر خبيث منكر، ومقصد عميق، وما قال هذا الشعر إلا بعد أن نقل إلى أهل الشام كلام كثير لأمير المؤمنين عليه السلام في عثمان يجري هذا المجرى، نحو قوله: ما سرني ولا ساءني. وقيل له: أرضيت بقتله؟ فقال: لم أرض، فقيل له: أسخطت قتله؟ فقال: لم أسخط. وقوله تارة: الله قتله وأنا معه، وقوله تارة أخرى: ما قتلت عثمان ولا مالأت في قتله. وقوله تارة أخرى: كنت رجلا من المسلمين أوردت إذ أوردوا، وأصدرت إذ أصدروا.
ولكل شئ من كلامه إذا صح عنه تأويل يعرفه أولو الألباب.
فأما قوله: " غير أن من نصره "، فكلام معناه أن خاذليه كانوا خيرا من ناصريه، لان الذين نصروه كان أكثرهم فساقا، كمروان بن الحكم وأضرابه، وخذله المهاجرون والأنصار.
فأما قوله: " وأنا جامع لكم أمره... " إلى آخر الفصل، فمعناه أنه فعل ما لا يجوز، وفعلتم ما لا يجوز، أما هو فاستأثر فأساء الأثرة، أي استبد بالأمور فأساء في الاستبداد، وأما أنتم فجزعتم مما فعل أي حزنتم فأسأتم الجزع، لأنكم قتلتموه، وقد كان الواجب عليه أن