وروى أبو جعفر عن عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي، قال: دخلت على عثمان، فأخذ بيدي فأسمعني، كلام من على بابه من الناس، فمنهم من يقول: ما تنتظرون به! ومنهم من يقول: لا تعجلوا، فعساه ينزع ويراجع، فبينا نحن إذ مر طلحة، فقام إليه ابن عديس البلوي، فناجاه، ثم رجع ابن عديس، فقال لأصحابه: لا تتركوا أحدا يدخل إلى عثمان ولا يخرج من عنده، قال لي عثمان: هذا ما أمر به طلحة، اللهم اكفني طلحة، فإنه حمل هؤلاء القوم وألبهم علي، والله إني لأرجو أن يكون منها صفرا، وإن يسفك دمه! قال: فأردت أن أخرج، فمنعوني حتى أمرهم محمد بن أبي بكر، فتركوني أخرج (1).
قال أبو جعفر: فلما طال الامر وعلم المصريون أنهم قد أجرموا إليه جرما كجرم القتل وأنه لا فرق بين قتله وبين ما أتوا إليه، وخافوا على نفوسهم من تركه حيا، راموا الدخول عليه من باب داره، فأغلقت الباب، ومانعهم الحسن بن علي، وعبد الله بن الزبير، ومحمد بن طلحة، ومروان، وسعيد بن العاص، وجماعة معهم من أبناء الأنصار، فزجرهم عثمان، وقال: أنتم في حل من نصرتي، فأبوا ولم يرجعوا (2).
وقام رجل من أسلم يقال له نيار بن عياض - وكان من الصحابة - فنادى عثمان، وأمره أن يخلع نفسه، فبينا هو يناشده ويسومه خلع نفسه، رماه كثير بن الصلت الكندي - وكان من أصحاب عثمان من أهل الدار - بسهم فقتله - فصاح المصريون وغيرهم عند ذلك: ادفعوا إلينا قاتل ابن عياض لنقتله به، فقال عثمان: لم أكن لأدفع إليكم رجلا نصرني وأنتم تريدون قتلي! فثاروا إلى الباب، فأغلق دونهم، فجاءوا بنار فأحرقوه وأحرقوا السقيفة التي عليه. فقال لمن عنده من أنصاره: إن رسول الله صلى الله عليه عهد