بالبويب (1) على بعير من إبل الصدقة، ففتشنا متاعه، لأنا استربنا أمره، فوجدنا فيه هذه الصحيفة، ومضمونها أمر عبد الله بن سعد بن أبي سرح بجلد عبد الرحمن بن عديس، وعمرو بن الحمق، وحلق رؤوسهما ولحاهما، وحبسهما وصلب قوم آخرين من أهل مصر.
وقيل: إن الذي أخذت منه الصحيفة أبو الأعور السلمي، وإنهم لما رأوه وسألوه عن مسيره، وهل معه كتاب، فقال: لا، فسألوه: في أي شئ هو؟ فتغير كلامه، فأخذوه وفتشوه وأخذوا الكتاب منه، وعادوا إلى المدينة. وجاء الناس إلى علي عليه السلام، وسألوه أن يدخل إلى عثمان، فيسأله عن هذه الحال، فقام فجاء إليه فسأله، فأقسم بالله ما كتبته ولا علمته، ولا أمرت به، فقال محمد بن مسلمة: صدق، هذا من عمل مروان، فقال: لا أدري، وكان أهل مصر حضورا، فقالوا: أفيجترئ عليك ويبعث غلامك على جمل من إبل الصدقة، وينقش على خاتمك، ويبعث إلى عاملك بهذه الأمور العظيمة، وأنت لا تدري، قال:
نعم، قالوا: إنك أما صادق، أو كاذب، فإن كنت كاذبا فقد استحققت الخلع لما أمرت به من قتلنا وعقوبتنا بغير حق، وإن كنت صادقا فقد استحققت الخلع لضعفك عن هذا الامر وغفلتك، وخبث بطانتك. ولا ينبغي لنا أن نترك هذا الامر بيد من تقطع الأمور دونه لضعفه وغفلته، فاخلع نفسك منه. فقال: لا أنزع قميصا ألبسنيه الله، ولكني أتوب وأنزع. قالوا: لو كان هذا أول ذنب تبت منه، لقبلنا، ولكنا رأيناك تتوب ثم تعود، ولسنا بمنصرفين حتى نخلعك أو نقتلك أو تلحق أرواحنا بالله، وإن منعك أصحابك وأهلك، قاتلناهم حتى نخلص إليك. فقال: أما أن أبرأ من خلافة الله، فالقتل أحب إلي من ذلك! وأما قتالكم من يمنع عني، فإني لا آمر أحدا بقتالكم، فمن قاتلكم فبغير أمري قاتل، ولو أردت قتالكم لكتبت إلى الأجناد، فقدموا علي أو لحقت