شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٢ - الصفحة ١٥٠
بالبويب (1) على بعير من إبل الصدقة، ففتشنا متاعه، لأنا استربنا أمره، فوجدنا فيه هذه الصحيفة، ومضمونها أمر عبد الله بن سعد بن أبي سرح بجلد عبد الرحمن بن عديس، وعمرو بن الحمق، وحلق رؤوسهما ولحاهما، وحبسهما وصلب قوم آخرين من أهل مصر.
وقيل: إن الذي أخذت منه الصحيفة أبو الأعور السلمي، وإنهم لما رأوه وسألوه عن مسيره، وهل معه كتاب، فقال: لا، فسألوه: في أي شئ هو؟ فتغير كلامه، فأخذوه وفتشوه وأخذوا الكتاب منه، وعادوا إلى المدينة. وجاء الناس إلى علي عليه السلام، وسألوه أن يدخل إلى عثمان، فيسأله عن هذه الحال، فقام فجاء إليه فسأله، فأقسم بالله ما كتبته ولا علمته، ولا أمرت به، فقال محمد بن مسلمة: صدق، هذا من عمل مروان، فقال: لا أدري، وكان أهل مصر حضورا، فقالوا: أفيجترئ عليك ويبعث غلامك على جمل من إبل الصدقة، وينقش على خاتمك، ويبعث إلى عاملك بهذه الأمور العظيمة، وأنت لا تدري، قال:
نعم، قالوا: إنك أما صادق، أو كاذب، فإن كنت كاذبا فقد استحققت الخلع لما أمرت به من قتلنا وعقوبتنا بغير حق، وإن كنت صادقا فقد استحققت الخلع لضعفك عن هذا الامر وغفلتك، وخبث بطانتك. ولا ينبغي لنا أن نترك هذا الامر بيد من تقطع الأمور دونه لضعفه وغفلته، فاخلع نفسك منه. فقال: لا أنزع قميصا ألبسنيه الله، ولكني أتوب وأنزع. قالوا: لو كان هذا أول ذنب تبت منه، لقبلنا، ولكنا رأيناك تتوب ثم تعود، ولسنا بمنصرفين حتى نخلعك أو نقتلك أو تلحق أرواحنا بالله، وإن منعك أصحابك وأهلك، قاتلناهم حتى نخلص إليك. فقال: أما أن أبرأ من خلافة الله، فالقتل أحب إلي من ذلك! وأما قتالكم من يمنع عني، فإني لا آمر أحدا بقتالكم، فمن قاتلكم فبغير أمري قاتل، ولو أردت قتالكم لكتبت إلى الأجناد، فقدموا علي أو لحقت

(1) البويب: مدخل أهل الحجاز إلى مصر.
(١٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 بعث معاوية بسر بن أرطاة إلى الحجاز واليمن 3
2 26 - من خطبة له عليه السلام يذكر فيها العرب بما كانوا عليه قبل البعثة وشكواه من انفراده بعدها وذمه لمن بايع بشرط 19
3 حديث السقيفة 21
4 أمر عمرو بن العاص 61
5 27 - من خطبة له عليه السلام في الحث على الجهاد وذم المتقاعدين 74
6 استطراد بذكر كلام لابن نباتة في الجهاد 80
7 غارة سفيان بن عوف الغامدي على الأنبار 85
8 28 - ومن خطبة له عليه السلام في إدبار الدنيا وإقبال الآخرة والحث على التزود لها 91
9 نبذ من أقوال الصالحين والحكماء 93
10 استطراد بلاغي في الكلام على المقابلة 103
11 29 - من خطبة له عليه السلام في ذم المتخاذلين 111
12 غارة الضحاك بن قيس ونتف من أخباره 113
13 30 - من خطبة له عليه السلام في معني قتل عثمان رضي الله عنه 126
14 اضطراب الأمر على عثمان ثم أخبار مقتله 129
15 31 - من كلام له عليه السلام لما أنفذ عبد الله بن عباس إلى الزبير قبل وقوع الحرب يوم الجمل ليستفيئه إلى طاعته 162
16 من أخبار الزبير وابنه عبد الله 166
17 استطراد بلاغي في الكلام على الاستدراج 170
18 32 - من خطبة له عليه السلام في ذم الدهر وحال الناس فيه 174
19 فصل في ذكر الآيات والأخبار الواردة في ذم الرياء والشهرة 178
20 فصل في مدح الخمول والجنوح إلى العزلة 182
21 33 - ومن خطبة له عليه السلام عند مسيره لقتال أهل البصرة 185
22 من أخبار يوم ذي قار 187
23 34 - من خطبة له عليه السلام في استنفار الناس إلى أهل الشام 189
24 أمر الناس بعد وقعة النهروان 193
25 مناقب علي وذكر طرف من أخباره في عدله وزهده 197
26 35 - من خطبة له عليه السلام بعد التحكيم 204
27 قصة التحكيم ثم ظهور أمر الخوارج 206
28 36 - ومن خطبة له عليه السلام في تخويف أهل النهروان 265
29 أخبار الخوارج 265
30 37 - ومن كلام له عليه السلام يجرى مجرى الخطبة يذكر ثباته في الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر 284
31 الأخبار الواردة عن معرفة الإمام على بالأمور الغيبية 286
32 38 - من خطبة له عليه السلام في معني الشبهة 298
33 39 - من خطبة له عليه السلام في ذم المتقاعدين عن القتال 300
34 أمر النعمان بن بشير مع علي ومالك الأرحبي 301
35 40 - ومن كلام له عليه السلام للخوارج لما سمع قولهم: " لا حكم إلا لله " 307
36 اختلاف الرأي في القول بوجوب الإمامة 310
37 من أخبار الخوارج أيضا 310
38 41 - ومن خطبة له عليه السلام في مدح الوفاء وذم الغدر 312
39 42 - ومن خطبة له عليه السلام يحذر فيها اتباع الهوى وطول الأمل 318
40 43 - ومن خطبة له عليه السلام وقد أشار عليه أصحابه بالاستعداد لحرب أهل الشام بعد إرساله إلى معاوية بجرير بن عبد الله البجلي 322
41 ذكر ما أورد القاضي عبد الجبار من دفع ما تعلق به الناس على عثمان من الأحداث 324
42 رد المرتضى على ما أورده القاضي عبد الجبار من الدفاع عن عثمان. 328