وروى أبو جعفر، قال: كان عمرو بن العاص شديد التحريض والتأليب على عثمان، وكان يقول: والله إن كنت لألقي الراعي فأحرضه على عثمان، فضلا عن الرؤساء والوجوه.
فلما سعر الشر بالمدينة خرج إلى منزله بفلسطين، فبينا هو بقصره ومعه إبناه: عبد الله ومحمد، وعندهم سلامة بن روح الجذامي، إذ مر بهم راكب من المدينة فسألوه عن عثمان، فقال: محصور، فقال عمرو: أنا أبو عبد الله، العير قد يضرط والمكواة في النار، ثم مر بهم راكب آخر، فسألوه، فقال: قتل عثمان فقال عمرو: أنا أبو عبد الله، إذا نكات قرحة أدميتها، فقال سلامة بن روح: يا معشر قريش، إنما كان بينكم وبين العرب باب فكسرتموه، فقال: نعم أردنا أن يخرج الحق من خاصرة الباطل، ليكون الناس في الامر شرعا سواء (1).
وروى أبو جعفر، قال: لما نزل القوم ذا خشب يريدون قتل عثمان إن لم ينزع عما يكرهون، وعلم عثمان ذلك، جاء إلى منزل علي عليه السلام، فدخل وقال: يا بن عم، إن قرابتي قريبة، ولي عليك حق، وقد جاء ما ترى من هؤلاء القوم وهم مصبحي، ولك عند الناس قدر، وهم يسمعون منك، وأحب أن تركب إليهم فتردهم عني، فإن في دخولهم علي وهنا لامري، وجرأة علي. فقال عليه السلام: على أي شئ أردهم؟
قال: على أن أصير إلى ما أشرت به، ورأيته لي. فقال علي عليه السلام: إني قد كلمتك مرة بعد أخرى، فكل ذلك تخرج وتقول، وتعد ثم ترجع! وهذا من فعل مروان ومعاوية وابن عامر وعبد الله بن سعد، فإنك أطعتهم وعصيتني! قال: عثمان فإني أعصيهم أطيعك.
فأمر علي عليه السلام الناس أن يركبوا معه، فركب ثلاثون رجلا من المهاجرين