قال أبو جعفر: وروي عن عامر الشعبي أنه قال: ما قتل عمر بن الخطاب حتى ملته قريش واستطالت خلافته، وقد كان يعلم فتنتهم، فحصرهم في المدينة وقال لهم: إن أخوف ما أخاف على هذه الأمة انتشاركم في البلاد. وإن كان الرجل ليستأذنه في الغزو، فيقول:
إن لك في غزوك مع رسول الله صلى الله عليه ما يكفيك، وهو خير لك من غزوك اليوم، وخير لك من الغزو ألا ترى الدنيا ولا تراك. فكان يفعل هذا بالمهاجرين من قريش، ولم يكن يفعله بغيرهم من أهل مكة، فلما ولي عثمان الخلافة خلى عنهم، فانتشروا في البلاد، وخالطهم الناس، وأفضى الامر إلى ما أفضى إليه، وكان عثمان أحب إلى الرعية من عمر.
* * * قال أبو جعفر: وكان أول منكر ظهر بالمدينة في خلافة عثمان حين فاضت الدنيا على العرب والمسلمين طيران الحمام والمسابقة بها، والرمي عن الجلاهقات - وهي قسي البندق - فاستعمل عثمان عليها رجلا من بني ليث في سنه ثمان من خلافته، فقص الطيور وكسر الجلاهقات.
* * * وروى أبو جعفر، قال: سال رجل سعيد بن المسيب عن محمد بن أبي حذيفة: ما دعاه إلى الخروج على عثمان؟ فقال: كان يتيما في حجر عثمان، وكان والي أيتام أهل بيته ومحتمل كلهم، فسأل عثمان العمل، فقال: (1) يا بني لو كنت رضا لاستعملتك، قال: فأذن لي فأخرج فأطلب الرزق (1)، قال: اذهب حيث شئت، وجهزه من عنده، وحمله وأعطاه، فلما وقع إلى مصر كان فيمن أعان عليه، لأنه منعه الامارة. فقيل له: فعمار بن ياسر؟ قال: