دينه، فلم يبال من ولى، والدين لم يتفرق أهله بعد! أم تقولون: لم يكن أخذ عن مشورة، إنما كان مكابرة فوكل الله الأمة - إذ عصته ولم يتشاوروا في الإمامة - إلى أنفسها!
أم تقولون: إن الله لم يعلم عاقبة أمري! فمهلا مهلا! لا تقتلوني، وإنه لا يحل إلا قتل ثلاثة:
زان بعد إحصان، أو كافر بعد إيمان، أو قاتل نفس بغير حق. أما إنكم إن قتلتموني وضعتم السيف على رقابكم ثم لا يرفعه الله عنكم أبدا. فقالوا: أما ما ذكرت من استخارة الناس بعد عمر، فإن كل ما يصنعه الله الخيرة، ولكن الله جعلك بلية ابتلى بها عباده، ولقد كانت لك قدم وسابقة، وكنت أهلا للولاية، ولكن أحدثت ما تعلمه، ولا نترك اليوم إقامة الحق عليك مخافة الفتنة عاما قابلا. وأما قولك: لا يحل دم إلا بإحدى ثلاث: فإنا نجد في كتاب الله إباحة دم غير الثلاثة: دم من سعى في الأرض بالفساد، ودم من بغى ثم قاتل على بغيه، ودم من حال دون شئ من الحق ومنعه وقاتل دونه، وقد بغيت ومنعت الحق، وحلت دونه، وكابرت عليه، ولم تقد من نفسك من ظلمته، ولا من عمالك، وقد تمسكت بالإمارة علينا. والذين يقومون دونك، ويمنعونك، إنما يمنعونك ويقاتلوننا لتسميتك بالإمارة، فلو خلعت نفسك لانصرفوا عن القتال معك.
فسكت عثمان، ولزم الدار وأمر أهل المدينة بالرجوع، وأقسم عليهم فرجعوا، إلا الحسن بن علي، ومحمد بن طلحة، وعبد الله بن الزبير وأشباها لهم، وكانت مدة الحصار أربعين يوما (1).
* * * قال أبو جعفر: ثم أن محاصري عثمان اشفقوا من وصول أجناد من الشام والبصرة تمنعه، فحالوا بين عثمان وبين الناس، ومنعوه كل شئ حتى الماء، فأرسل عثمان سرا إلى علي عليه السلام، وإلى أزواج النبي صلى الله عليه أنهم قد منعونا الماء، فإن قدرتم أن