ترسلوا إلينا ماء فافعلوا. فجاء علي عليه السلام في الغلس وأم حبيبة بنت أبي سفيان، فوقف علي عليه السلام على الناس فوعظهم، وقال: أيها الناس، إن الذي تفعلون لا يشبه أمر المؤمنين ولا أمر الكافرين، إن فارس والروم لتأسر فتطعم وتسقي فالله الله! لا تقطعوا الماء عن الرجل، فأغلظوا له وقالوا: لا نعم ولا نعمة عين (1). فلما رأى منهم الجد نزع عمامته عن رأسه، ورمى بها إلى دار عثمان، يعلمه أنه قد نهض وعاد.
وأما أم حبيبة وكانت مشتملة على إداوة فضربوا وجه بغلتها، فقالت: إن وصايا أيتام بني أمية عند هذا الرجل، فأحببت أن أساله عنها لئلا تهلك أموال اليتامى، فشتموها، وقالوا: أنت كاذبة، وقطعوا حبل (2) البغلة بالسيف، فنفرت وكادت تسقط عنها، فتلقاها الناس فحملوها إلى منزلها (3).
* * * وروى أبو جعفر، قال: أشرف عثمان عليهم يوما، فقال: أنشدكم الله، هل تعلمون أني اشتريت بئر رومة (4) بمالي، أستعذب بها، وجعلت رشائي فيها كرجل من المسلمين (5)! قالوا: نعم، قال: فلم تمنعونني أن أشرب منها حتى أفطر على ماء البحر! ثم قال: أنشدكم الله، هل تعلمون أني اشتريت أرض كذا، فزدتها في المسجد؟ قالوا: نعم، قال: فهل علمتم أن أحدا منع أن يصلي فيه قبلي (5)!