إلي عهدا فأنا صابر عليه، فأحرج على رجل يقاتل دوني! ثم قال للحسن: إن أباك الآن لفي أمر عظيم من أجلك، فأخرج إليه، أقسمت عليك لما خرجت إليه! فلم يفعل، ووقف محاميا عنه.
وخرج مروان بسيفه يجالد الناس، فضربه رجل من بني ليث على رقبته، فأثبته (1) وقطع إحدى علباويه (2)، فعاش مروان بعد ذلك أو قص (3)، وقام إليه عبيد بن رفاعة الزرقي ليذفف عليه (4)، فقامت دونه فاطمة أم إبراهيم بن عدي - وكانت أرضعت مروان وأرضعت له - فقالت له: إن كنت تريد قتله فقد قتل، وإن كنت إنما تريد أن تتلعب بلحمه فأقبح بذلك! فتركه فخلصته وأدخلته بيتها، فعرف لها بنوه ذلك بعد، واستعملوا ابنها إبراهيم، وكان له منهم خاصة (5).
وقتل المغيرة بن الأخنس بن شريق، وهو يحامي عن عثمان بالسيف، واقتحم القوم الدار، ودخل كثير منهم الدور المجاورة لها، وتسوروا من دار عمرو بن حزم إليها حتى ملأوها وغلب الناس على عثمان، وندبوا رجلا لقتله، فدخل إليه البيت، فقال له: اخلعها وندعك، فقال: ويحك! والله ما كشفت عن امرأة في جاهلية ولا إسلام، ولا تعينت (6) ولا تمنيت، ولا وضعت يميني على عورتي مذ بايعت رسول الله، ولست بخالع قميصا كسانيه الله، حتى يكرم أهل السعادة، ويهين أهل الشقاوة.
فخرج عنه فقالوا له: ما صنعت، قال: إني لم أستحل قتله، فأدخلوا إليه رجلا من الصحابة، فقال له: لست بصاحبي، إن النبي صلى الله عليه دعا لك أن يحفظك يوم كذا، ولن تضيع، فرجع عنه.