شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٢ - الصفحة ١٦٥
قال القطب الراوندي رحمه الله تعالى، حكاية عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: هذا خلاف الشرع، لان ولاء معتق المرأة إذا كانت ميتة يكون لعصبتها، وهم العاقلة، لا لأولادها.
قلت هذه المسألة مختلف فيها بين الامامية، فأبو عبد الله بن النعمان المعروف بالمفيد (1)، يقول: إن الولاء لولدها، ولا يصحح هذا الخبر، ويطعن في راويه، وغيره من فقهاء الإمامية كأبي جعفر الطوسي (2) ومن قال بقوله، يذهبون إلى أن الولاء لعصبتها لا لولدها، ويصححون الخبر، ويزعمون أن أمير المؤمنين عليه السلام سكت ولم ينازع، على قاعدته في التقية، واستعمال المجاملة مع القوم.
فأما مذاهب الفقهاء غير الامامية فإنها متفقة على أن الولاء للولد لا للعصبة، كما هو قول المفيد رحمه الله تعالى.
وروى جعفر بن محمد الصادق، عن أبيه عن جده، عليهم السلام، قال: سألت ابن عباس رضي الله عنه عن ذلك، فقال: إني قد أتيت الزبير، فقلت له، فقال: قل له إني أريد ما تريد - كأنه يقول: الملك - لم يزدني على ذلك. فرجعت إلى علي عليه السلام فأخبرته.
وروى محمد بن إسحاق والكلبي، عن ابن عباس رضي الله عنه، قال: قلت: الكلمة للزبير فلم يزدني علي أن قال: قل له أنا مع الخوف الشديد لنطمع.

(١) هو أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان بن عبد السلام البغدادي المعروف بالمفيد، أحد أعيان الشيعة وعلمائهم، انتهت إليه رئاسة الإمامية في وقته. وله قريب من مائتي مصنف، وفيها حفظت أقوال الشيعة وآراؤهم وشرحهم وتفصيل مذاهبهم، وعنه تلقى الشريف المرتضى الفقه والتفسير وعلم الكلام، وتوفي سنة ٤١٣. روضات الجنات ٥٣٦.
(٢) هو أبو جعفر محمد بن يلي بن محمد الطوسي المشهدي، أحد تلاميذ الشيخ المفيد، ثم الشريف المرتضى من بعده. وكان إماما واعظا، ألف الوسيلة والواسطة والفتاوى على مذهب الشيعة، وغيرها. توفي سنة 406. روضات الجنات 567.
(١٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 ... » »»
الفهرست