قال أبو جعفر: كان عثمان مستضعفا، طمع فيه الناس، وأعان على نفسه بأفعاله وباستيلاء بني أمية عليه، وكان ابتداء الجرأة عليه أن إبلا من إبل الصدقة قدم بها عليه، فوهبها لبعض ولد الحكم بن أبي العاص، فبلغ ذلك عبد الرحمن بن عوف، فأخذها وقسمها بين الناس وعثمان في داره، فكان ذلك أول وهن دخل على خلافة عثمان.
وقيل: بل كان أول وهن دخل عليه، أن عثمان مر بجبلة بن عمرو الساعدي، وهو في نادي قومه، وفي يده جامعة، فسلم فرد القوم عليه، فقال جبلة: لم تردون على رجل فعل كذا وفعل كذا! ثم قال لعثمان: والله لأطرحن هذه الجامعة في عنقك أو لتتركن بطانتك هذه الخبيثة: مروان، وابن عامر، وابن أبي سرح، فمنهم من نزل القرآن بذمه، ومنهم من أباح رسول الله صلى الله عليه دمه (1).
وقيل: أنه خطب يوما وبيده عصا كان رسول الله صلى الله عليه وآله، وأبو بكر وعمر يخطبون عليها، فأخذها جهجاه الغفاري من يده، وكسرها على ركبته، فلما تكاثرت أحداثه، وتكاثر طمع الناس فيه، كتب جمع من أهل المدينة من الصحابة وغيرهم إلى من بالآفاق: إن كنتم تريدون الجهاد، فهلموا إلينا فإن دين محمد قد أفسده خليفتكم فاخلعوه، فاختلفت عليه القلوب، وجاء المصريون وغيرهم إلى المدينة حتى حدث ما حدث.
وروى الواقدي والمدائني وابن الكلبي وغيرهم، وذكره أبو جعفر في التاريخ، وذكره غيره من جميع المؤرخين: أن عليا عليه السلام لما رد المصريين رجعوا، بعد ثلاثة أيام، فأخرجوا صحيفة في أنبوبة رصاص، وقالوا: وجدنا غلام عثمان بالموضع المعروف