ثم نفر فقدم المدينة، فدعا عليا وطلحة والزبير، فحضروا وعنده معاوية، فسكت عثمان ولم يتكلم، وتكلم معاوية، فحمد الله، وقال: أنتم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وخيرته من خلقه، وولاة أمر هذه الأمة، لا يطمع فيه أحد غيركم، اخترتم صاحبكم عن غير غلبة ولا طمع، وقد كبر (1) وولى عمره، فلو انتظرتم به الهرم كان قريبا، مع إني أرجو أن يكون أكرم على الله أن يبلغه ذلك، وقد فشت مقالة خفتها عليكم، فما عبتم فيه من شئ فهذه يدي لكم به رهنا (2)، فلا تطمعوا الناس في أمركم، فوالله إن أطعتموهم لا رأيتم أبدا منها إلا إدبارا.
فقال علي عليه السلام: وما لك وذاك لا أم لك! فقال: دع أمي فإنها ليست بشر أمهاتكم، قد أسلمت وبايعت النبي صلى الله عليه، وأجبني عما أقول لك.
فقال عثمان: صدق ابن أخي، أنا أخبركم عني وعما وليت، إن صاحبي اللذين كانا قبلي، ظلما أنفسهما ومن كان منهما بسبيل، احتسابا. وإن رسول الله صلى الله عليه كان يعطي قرابته، وأنا في رهط أهل عيلة وقلة معاش، فبسطت يدي في شئ من ذلك لما أقوم به فيه، فإن رأيتم ذلك خطأ فردوه، فأمري لامركم تبع.
قالوا: أصبت وأحسنت، إنك أعطيت عبد الله بن خالد بن أسيد خمسين ألفا، وأعطيت مروان خمسة عشر ألفا، فاستعدها منهما. فاستعادها، فخرجوا راضين (3).
* * * قال أبو جعفر: وقال معاوية لعثمان: اخرج معي إلى الشام، فإنهم على الطاعة