كتاب المصنف كتاب المصنف الذي بين أيدينا هو كتاب جمع مختلف الأحاديث والآثار ولم يترك إلا الواضح الوضح، الظاهر الكذب.
وقبل أن نبدأ في عرض عملنا في هذا المصنف رأينا أن نبدأ يعرض موجز لتاريخ بده تدوين الحديث لنعرض من ثم لبعض الجوانب والتعريفات لكتب الحديث ومصطلحه.
بدء تدوين الحديث فمنذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وحتى عهد الصحابة والتابعين وتابعيهم كان هناك رأيان اجتهادان لحفظ الحديث النبوي الشريف.
الرأي الأول: قال بحفظ الحديث سماعا وروايته بناء على هذا السماع وانتقاله من جيل لاخر بهذه الطريقة.
الرأي الثاني، قال بكتابة الحديث: لان الكتابة أثبت من الحفظ وأدوم وأبقى على مر الزمن.
إلا أنه في الحالين سواء في نقله سماعا ورواية أو كتابة وقراءة وقعت العديد من الأخطاء وذلك لان السماع قد يدخل عليه النسيان والوهم كما يدخل التصحيف وأخطاء سوء الحفظ على الكتابة.
ورغم ذلك فإن من قالوا بالرواية والسماع نقلوا عمن كتب من قالوا بالكتابة والتدوين لم يدونوا كل شئ إنما دونوا ما ظنوا ورأوا أنه لا بد من تدوينه خصوصا ما كان تشريعا وأحكاما، ولم يكن هذا التدوين عملا منهجيا رواية ما عداء ونقلوا عمن روى سماعا إذا عرفوه ثقة عدلا.
بيد أن الذي حسم أمر تدوين الحديث وكتابته الإمام العادل الزاهد عمر بن عبد العزيز. وذلك عندما كتب إلى أبي بكر بن حزم: أنظر ما كان من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فاكتبه فإني خفت يعلم فإن العلم وذهاب العلماء، ولا تقبل إلا حديث النبي صلى الله عليه وسلم وليفشوا العلم وليجلسوا حتى يعلم من لا يعلم فإن العلم لا يهلك حتى يكون سرا.
وقد كتب عمر بن عبد العزيز مثل ذلك إلى عماله في كل المدن الاسلامية التي نزل بها الصحابة والتابعين.
وكان أول من دون الحديث بناء لامر عمر بن عبد العزيز رحمه الله محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزهري عالم أهل الشام والحجاز، وهو أحد الأئمة الاعلام. وقد أخذ الحديث عن جماعة من صغار الصحابة الذين طال بهم العمر. إلى عهده فرآهم وسمعهم، وعن جماعة من كبار التابعين. وبعد محمد بن مسلم كثر تدوين الحديث في الطبقة التي تلته، وكان أول هذه الطبقة ابن إسحاق ومالك في المدينة، وابن جريج في مكة المكرمة، وغيرهم في بقية المدن العربية الهامة، كسفيان الثوري في الكوفة، وهشيم في واسط، وجرير بن عبد الحميد في الري وابن المبارك في خراسان، والأوزاعي في الشام، ومعمر في اليمن ثم أبو بكر بن أبي شيبة في الكوفة وهو صاحب المصنف، وذلك في أواخر القرن الهجري الثاني وأول القرن الهجري الثالث.
وتبع هذه المرحلة من التدوين مرحلة الجمع والتأليف بين الأحاديث والبحث عن الرواة وبدأ تجريد صحيح الحديث وتعديل الرواة أو تجريحهم وكان أول من ظهر في هذا الباب الامام البخاري،