الحجرين والروثة (فأخذ الحجرين وألقى الروثة) استدل به الطحاوي على عدم اشتراط الثلاثة قال لأنه لو كان مشترطا لطلب ثالثا كذا قال وغفل رحمه الله عما أخرجه أحمد في مسنده من طريق معمر عن أبي إسحاق عن علقمة عن ابن مسعود في هذا الحديث فإن فيه فألقى الروثة وقال إنها ركس ائتني بحجر ورجاله ثقات أثبات وقد تابع عليه معمر أبو شيبة الواسطي وهو ضعيف أخرجه الدارقطني وتابعهما عمار بن رزيق أحد الثقات عن أبي إسحاق وقد قيل إن أبا إسحاق لم يسمع من علقمة لكن أثبت سماعه لهذا الحديث منه الكرابيسي وعلى تقدير أنه أرسله عنه فالمرسل حجة عند المخالفين وعندنا أيضا إذا اعتضد قاله الحافظ ابن حجر في فتح الباري وتعقب عليه العيني في عمدة القاري ص 737 ج 1 شرح البخاري فقال لم يغفل الطحاوي عن ذلك وإنما الذي نسبه إلى الغفلة هو الغافل وكيف يغفل عن ذلك وقد ثبت عنده عدم سماع أبي إسحاق عن علقمة فالحديث عنده منقطع والمحدث لا يرى العمل به وأبو شيبة الواسطي ضعيف فلا يعتبر بمتابعته فالذي يدعي صنعة الحديث كيف يرضي بهذا الكلام انتهى قلت هذا غفلة شديدة من العيني فإن الطحاوي رحمه الله قد احتج بحديث أبي إسحاق عن علقمة في مواضع من كتابه شرح الآثار فمنها ما قال حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا خديج بن معاوية عن أبي إسحاق عن علقمة بن مسعود قال ليت الذي يقرأ خلف الإمام ملئ فوه ترابا سلمنا أن أبا شيبة ضعيف فلا يعتبر بمتابعته لكن عمار بن رزيق ثقة وهو قد تابعهما فمتابعته معتبرة بلا شك على أن قول الطحاوي لو كان مشترطا لطلب ثالثا فيه نظر لاحتمال أنه صلى الله عليه وسلم أخذ ثالثا بنفسه من دون طلب أو استنجى بحجر وطرفي حجر آخر والاحتمال لا يصح الاستدلال قال الحافظ الزيلعي في نصب الراية قال ابن الجوزي في التحقيق وحديث البخاري ليس فيه حجة لأنه يحتمل أن يكون عليه السلام أخذ حجرا ثالثا مكان الروثة وبالاحتمال لا يتم الاستدلال انتهى قوله (وقال إنها ركس) كذا وقع ههنا بكسر الراء وإسكان الكاف فقيل هي لغة في رجس ويدل عليه رواية ابن ماجة وابن خزيمة في هذا الحديث فإنها عندهما بالجيم وقيل الركس الرجيع رد من حالة الطهارة إلى حالة النجاسة قاله الخطابي وغيره والأولى أن يقال رد من حالة الطعام إلى حالة الروث كذا في فتح الباري
(٦٩)