قال الترمذي في آخر كتابه في كتاب العلل ما لفظه جميع ما في هذا الكتاب من الحديث هو معمول به وبه أخذ بعض أهل العلم ما خلا حديثين حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر بالمدينة والمغرب والعشاء من غير خوف ولا سفر ولا مطر وحديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إذا شرب الخمر فاجلدوه فإن عاد في الرابعة فاقتلوه انتهى قال النووي في شرح مسلم وهذا الذي قاله الترمذي في حديث شارب الخمر هو كما قاله فهو حديث منسوخ دل الاجماع على نسخه وأما حديث ابن عباس فلم يجمعوا على ترك العمل به بل لهم أقوال ثم ذكر تلك الأقوال وقد مرت في كلام الحافظ وقال صاحب دراسات اللبيب هذا القول منه أي من الترمذي غريب جدا وجه الغرابة أنا قدمنا أن عدم الأخذ بالحديث ممن ينسب إليه ذلك إنما يتحقق إذا لم يجب عن ذلك الحديث ولم يحمله على محمل وأما إذا فعل ذلك فقد أخذ به وهذا الحديث يعني حديث ابن عباس كثرت في تأويله أقوال العلماء ومذاهبهم فيه ومع هذه التأويلات والمذاهب فيه وإن كانت بعضها بعيدة كيف يطلق عليه أنه لم يعمل به أحد من العلماء وإن أراد الترمذي أنه لم يعمل بظاهره من غير تأويل أحد من العلماء فيبطل قوله كل حديث في كتابي هذا معمول به ما خلا حديثين فإن كل حديث في كتابه ليس مما لم يؤول أصلا وعمل بظاهره على أن هذا الحديث عمل بظاهره جماعة من العلماء ثم ذكر قول النووي وذهب جماعة من الأئمة إلى جواز الجمع في الحضر للحاجة لمن لا يتخذه عادة وهو قول ابن سيرين وأشهب من أصحاب مالك وحكاه الخطابي عن القفال الشاشي الكبير من أصحاب الشافعي عن أبي إسحاق المروزي وعن جماعة من أصحاب الحديث واختاره ابن المنذر انتهى كلامه قلت الأمر كما قال صاحب الدراسات قوله (ورخص بعض أهل العلم من التابعين في الجمع بين الصلاتين للمريض وبه يقول أحمد وإسحاق) وقال عطاء يجمع المريض بين المغرب والعشاء كذا في صحيح البخاري معلقا ووصله عبد الرزاق قال الحافظ في الفتح وصله عبد الرزاق في مصنفه عن ابن جريج عنه قال واختلف العلماء في المريض هل يجوز له أن يجمع بين الصلاتين كالمسافر لما فيه من الرفق به أولا فجوزه أحمد وإسحاق واختاره بعض الشافعية وجوزه مالك بشرطه والمشهور عن الشافعي وأصحابه المنع ولم أر في المسألة نقلا عن أحد من الصحابة انتهى كلام الحافظ وقال العيني في عمدة القاري قال عياض الجمع بين الصلوات المشتركة في الأوقات تكون تارة سنة وتارة رخصة
(٤٧٨)