قوله (وهو قول أكثر الفقهاء من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم أنهم كرهوا الصلاة بعد صلاة الصبح إلخ) قال القاضي اختلفوا في جواز الصلاة في الأوقات الثلاثة وبعد صلاة الصبح إلى الطلوع وبعد صلاة العصر إلى الغروب فذهب داود إلى جواز الصلاة فيها مطلقا وقد روى عن جمع من الصحابة فلعلهم لم يسمعوا نهيه عليه السلام أو حملوه على التنزيه دون التحريم وخالفهم الأكثرون فقال الشافعي لا يجوز فيها فعل صلاة لا سبب لها أما الذي له سبب كالمنذورة وقضاء الفائتة فجائز لحديث كريب عن أم سلمة واستثنى أيضا مكة واستواء الجمعة لحديث جبير بن مطعم وأبي هريرة وقال أبو حنيفة يحرم فعل كل صلاة في الأوقات الثلاثة سوى عصر يومه عند الاصفرار ويحرم المنذورة والنافلة بعد الصلاتين دون المكتوبة الفائتة وسجدة التلاوة وصلاة الجنازة وقال مالك يحرم فيها النوافل دون الفرائض ووافقه غير أنه جوز فيها ركعتي الطواف كذا في المرقاة وقال النووي أجمعت الأئمة على كراهة صلاة لا سبب لها في الأوقات المنهي عنها واتفقوا على جواز الفرائض المؤداة فيها واختلفوا في النوافل التي لها سبب كصلاة تحية المسجد وسجود التلاوة والشكر وصلاة العيد والكسوف وصلاة الجنازة وقضاء الفائتة فذهب الشافعي وطائفة إلى جواز ذلك كله بلا كراهة وذهب أبو حنيفة وآخرون إلى أن ذلك داخل في عموم النهي واحتج الشافعي بأنه صلى الله عليه وسلم قضى سنة الظهر بعد العصر وهو صريح في قضاء السنة الفائتة فالحاضرة أولى والفريضة المقضية أولى ويلتحق ماله سبب انتهى قال الحافظ بعد نقل كلام النووي هذا وما نقله من الإجماع والاتفاق متعقب فقد حكى غيره عن طائفة من السلف الإباحة مطلقا وأن أحاديث النهي منسوخ وبه قال داود وغيره من أهل الظاهر وبذلك جزم ابن حزم وعن طائفة أخرى المنع مطلقا في جميع الصلوات وقد صح عن أبي بكرة وكعب بن عجرة المنع من صلاة الفرض في هذه الأوقات انتهى قوله (قال شعبة لم يسمع قتادة من أبي العالية إلا ثلاثة أشياء إلخ) المقصود من ذكر هذا أن حديث الباب من طريق قتادة عن أبي العالية موصول (وحديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
(٤٦١)