قالت توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وضوءه للصلاة غير رجليه الحديث وفيه ثم نحى رجليه فغسلهما هذه غسلة من الجنابة قال الحافظ تحت هذه الرواية فيه التصريح بتأخير الرجلين في وضوء الغسل إلى آخره وهو مخالف لظاهر رواية عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا اغتسل من الجنابة بدأ بغسل يديه ثم يتوضأ كما يتوضأ للصلاة ثم يدخل أصابعه في الماء الحديث ويمكن الجمع بينهما إما بحمل رواية عائشة على المجاز بأن المراد يتوضأ أكثر الوضوء كما يتوضأ للصلاة وهو ما سوى الرجلين وبحمله على حالة أخرى وبحسب اختلاف هاتين الحالتين اختلف نظر العلماء فذهب الجمهور إلى استحباب تأخير غسل الرجلين في الغسل وعن مالك إن كان المكان غير نظيف فالمستحب تأخيرهما وإلا فالتقديم وعند الشافعية في الأفضل قولان قال النووي أصحهما وأشهرهما ومختارهما أنه يكمل وضوءه قال لأن أكثر الروايات عن عائشة وميمونة كذلك قال الحافظ كذا قال النووي وليس في شئ من الروايات عنهما التصريح بذلك بل هي إما محتملة كرواية توضأ وضوءه للصلاة أو ظاهرة في تأخيرهما كرواية أبي معاوية عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اغتسل من الجنابة الحديث وفي آخره ثم أفاض على سائر جسده ثم غسل رجليه وله شاهد من رواية أبي سلمة عن عائشة أخرجه أبو داود والطيالسي بلفظ فإذا فرغ غسل رجليه ويوافقها أكثر الروايات عن ميمونة أو صريحة في تأخيرهما كحديث الباب وراويها مقدم في الحفظ والفقه على جميع من رواه عن الأعمش انتهى كلام الحافظ ملخصا قوله (هذا حديث حسن صحيح) أخرجه الجماعة قوله (وفي الباب عن أم سلمة وجابر وأبي سعيد وجبير بن مطعم وأبي هريرة) أما حديث أم سلمة فأخرجه مسلم وأما حديث جابر فأخرجه ابن ماجة عنه قال قلت يا رسول الله إنا في أرض باردة فكيف الغسل من الجنابة فقال صلى الله عليه وسلم أما أنا فأحثوا على رأسي ثلاثا وأما حديث أبي سعيد فأخرجه أيضا ابن ماجة عنه أن رجلا سأله عن الغسل من الجنابة فقال ثلاثا فقال الرجل إن شعري كثير فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أكثر شعرا منك وأطيب وأما حديث جبير بن مطعم فأخرجه أيضا ابن ماجة عنه قال تماروا في الغسل من الجنابة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما أنا فأفيض على رأسي ثلاث أكف وأخرجه أيضا البخاري ومسلم والنسائي وأما حديث أبي هريرة فأخرجه ابن ماجة عنه بلفظ سأله رجل كم أفيض على رأسي وأنا جنب قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحثو على رأسه
(٢٩٧)