عند من يرى الوضوء من ذلك يقولون قد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الوضوء من مس الذكر من وجوه شتى فلا يرد ذلك بحديث ملازم بن عمرو وأيوب بن عتبة ولو كانت روايتهما مثبة لكان في ذلك مقال لكثرة من روى بخلاف روايتهما ومع ذلك الاحتياط في ذلك أبلغ ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم بإسناده صحيح أنه نهى أن يمس الرجل ذكره بيمينه أفلا ترون أن الذكر لا يشبه سائر الجسد ولو كان ذلك بمنزلة الإبهام والأنف والأذن وما هو منا كان لا بأس علينا أن نمسه بأيماننا وكيف يشبه الذكر بما وصفوه من الإبهام وغيره ذلك ولو كان ذلك شرعا سواءا لكان سبيله في المس ما سميناه ولكن ههنا علة قد غابت عنا معرفتها ولعل ذلك أن تكون عقوبة لكي يترك الناس مس الذكر فنصير من ذلك إلى الاحتياط انتهى كلام الحازمي قال ابن حبان في صحيحه إن حديث طلق أوهم عالما من الناس أنه معارض لحديث بسرة وليس كذلك لأنه منسوخ فإن طلق بن علي كان قدومه على النبي صلى الله عليه وسلم أول سنة من سني الهجرة حيث كان المسلمون يبنون مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة ثم أخرجه بسنده إلى طلق بن علي قال وأبو هريرة إسلامه سنة سبع من الهجرة فكان خبر أبي هريرة بعد خبر طلق لسبع سنين وطلق بن علي رجع إلى بلده ثم أخرج عن طلق بن علي قال خرجنا وفدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة نفر خمسة من بني حنيفة ورجلا من بني ابن ربيعة حتى قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعناه وصلينا معه وأخبرنا أن بأرضنا بيعة لنا واستوهبناه من فضل طهوره فقال اذهبوا بهذا الماء فإذا قدمتم بلدكم فاكسروا بيعتكم ثم انضحوا مكانها من هذا الماء واتخذوا مكانها مسجدا وفيه حتى قدمنا بلدنا فعملنا الذي أمرنا قال ابن حبان فهذا بيان واضح أن طلق بن علي رجع إلى بلده بعد قدومه ثم لا يعلم له رجوع إلى المدينة بعد ذلك فمن ادعى ذلك فليثبته بسنة مصرحة ولا سبيل له إلى ذلك انتهى كلام ابن حبان قال بعض العلماء الحنفية في شرحه لشرح الوقاية المسمى بالسعاية بعد ذكر كلام الحازمي المذكور ما لفظه هذا تحقيق حقيق بالقبول فإنه بعد إدارة النظر من الجانبين يتحقق أن أحاديث النقض أكثر وأقوى من أحاديث الرخصة وأن أحاديث الرخصة متقدمة وهو وإن لم يكن متيقنا لجواز أن يكون حديث أبي هريرة وغيره من مراسيل الصحابة لكنه هو الظاهر فالأخذ بالنقض أحوط وهو وإن كان مما يخالفه القياس من كل وجه لكن لا مجال بعد ورود الحديث وأما كون أجل الصحابة كابن مسعود وابن عباس وعلي ونحوهم قائلين بالرخصة فلا يقدح بعد ثبوت الآثار المرفوعة والعذر من قبلهم أنه قد بلغهم حديث طلق وأمثاله ولم يبلغهم ما ينسخه
(٢٣٥)