قوله (كان يتوضأ بالمد ويغتسل بالصاع) قال الحافظ في فتح الباري المد بضم الميم وتشديد الدال إناء يسع رطلا وثلثا بالبغدادي قاله جمهور أهل العلم وخالف بعض الحنفية فقالوا المد رطلان انتهى وقال العيني في عمدة القاري وهو أي المد رطلان عند أبي حنيفة وعند الشافعي رطل وثلث بالعراق وأما الصاع فعند أبي يوسف خمسة أرطال وثلث رطل عراقية وبه قال مالك والشافعي وأحمد وقال أبو حنيفة ومحمد الصاع ثمانية أرطال انتهى وقال العيني معترضا على الحافظ ما لفظه مذهب أبي حنيفة أن المد رطلان وما خالف أبو حنيفة أصلا لأنه يستدل في ذلك بما رواه جابر قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ بالمد رطلين ويغتسل بالصاع ثمانية أرطال أخرجه ابن عدي وبما رواه أنس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ بالمد رطلين ويغتسل بالصاع ثمانية أرطال أخرجه الدارقطني انتهى كلام العيني قلت هذان الحديثان ضعيفان لا تقوم بهما الحجة أما حديث جابر فأخرجه ابن عدي في الكامل عن عمران بن موسى بن وجيه الوجيهي عن عمرو بن دينار عنه وضعف عمران بن موسى هنا عن البخاري والنسائي وابن معين ووافقهم وقال إنه في عداد من يضع الحديث كذا في نصب الراية وقال الحافظ في الدراية فيه عمران ابن موسى وهو هالك انتهى وأما حديث أنس فقال الحافظ في الدراية بعد ذكره هو من رواية ابن أبي ليلى عن عبد الكريم عن أنس وإسناده ضعيف وأخرجه أيضا من طريق أخرى وفيه موسى ابن نصر وهو ضعيف جدا والحديث في الصحيحين عن أنس ليس فيه ذكر الوزن انتهى كلام الحافظ وقال الزيلعي في نصب الراية أخرجه الدارقطني في سننه من ثلاثة طرق ثم ذكرها ثم قال وضعف البيهقي هذه الأسانيد الثلاثة وقال الصحيح عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ بالمد ويغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد انتهى كلام الزيلعي والعجب من العيني أنه استدل لأبي حنيفة بهذين الحديثين الضعيفين ولم يذكر ما فيهما من المقال الذي يسقطهما عن الاحتجاج واستدل لأبي حنيفة بما رواه الدارقطني عن صالح بن موسى الطلحي حدثنا منصور بن المعتمر عن إبراهيم عن عائشة قالت جرت السنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغسل من الجنابة صاع من ثمانية أرطال وفي الوضوء رطلان وهذا الحديث أيضا ضعيف قال الدارقطني بعد روايته لم يروه عن منصور غير صالح وهو ضعيف الحديث انتهى
(١٥٢)