في أخريات القوم متعرضا لمن يقصده من عدو ونحوه والأول أصح واعلم أن المأمور به من إراقة القدور إنما هو اتلاف لنفس المرق عقوبة لهم وأما نفس اللحم فلم يتلفوه بل يحمل على أنه جمع ورد إلى المغنم ولا يظن أنه صلى الله عليه وسلم أمر باتلافه لأنه مال للغانمين وقد نهى عن إضاعة المال مع أن الجناية بطبخه لم تقع من جميع مستحقي الغنيمة إذ من جملتهم أصحاب الخمس ومن الغانمين من لم يطبخ فإن قيل فلم ينقل أنهم حملوا اللحم إلى المغنم قلنا ولم ينقل أيضا أنهم أحرقوه وأتلفوا وإذا لم يأت فيه نقل صريح وجب تأويله على وفق القواعد الشرعية وهو ما ذكرناه وهذا بخلاف اكفاء قدور لحم الحمر الأهلية يوم خيبر فإنه أتلف ما فيها من لحم ومرق لأنها صارت نجسه ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم فيها انها رجس أو نجس كما سبق في بابه وأما هذه اللحوم فكانت طاهرة منتفعا بها بلا شك فلا يظن اتلافها والله أعلم قوله (ثم عدل عشرا من الغنم بجزور) هذا محمول على أن هذه كانت قيمة هذه الغنم والإبل فكانت الإبل نفيسة دون الغنم بحيث كانت قيمة البعير عشر شياه ولا يكون هذا مخالفا لقاعدة الشرع في باب الأضحية في إقامة البعير مقام سبع شياه لأن هذا هو الغالب في قيمة الشياه والإبل المعتدلة وأما هذه القسمة فكانت قضية اتفق فيها ما ذكرناه من نفاسة الإبل دون الغنم وفيه أن قسمة الغنيمة لا يشترط فيها قسمة كل نوع على حدة قوله (فنذكى بالليط) هو بلام مكسورة ثم ياء مثناة تحت ساكنة ثم طاء مهملة وهي قشور القصب وليط كل شئ قشوره والواحدة ليطة وهو معنى قوله في الرواية الثانية أفنذبح بالقصب وفى رواية أبى داود وغيره أفنذبح بالمورة فهو محمول على أنهم قالوا هذا وهذا فأجابهم صلى الله عليه وسلم بجواب جامع لما سألوه ولغيره نفيا واثباتا فقال كل ما أنهر الدم وذكر اسم الله فكل ليس السن والظفر قوله (فرميناه بالنبل حتى وهصناه) هو بهاء مفتوحة مخففة ثم صاد مهملة ساكنة ثم نون
(١٢٧)