وقال: قد رأيت أن أكتب إلى علي كتابا أسأله الشام - وهو الشئ الأول الذي ردني عنه - وألقي في نفسه الشك والريبة. فضحك عمرو بن العاص، ثم قال: أين أنت يا معاوية من خدعة علي؟!
فقال: ألسنا بني عبد مناف؟ قال: بلى ولكن لهم النبوة دونك، وان شئت أن تكتب فاكتب. فكتب معاوية مع عبد الله بن عقبة، وهو من السكاسك، ومن ناقلة أهل العراق (3) إلى علي (ع):
أما بعد فاني أظنك ان لو علمت أن الحرب تبلغ بنا وبك ما بلغت، وعلمنا لم يجنها بعضنا على بعض، وإنا وان كنا قد غلبنا على عقولنا فقد بقي لنا منها ما نندم به على ما مضى ونصلح به ما بقي، وقد كنت سألتك الشام على ألا يلزمني لك طاعة ولا بيعة، فأبيت ذلك علي، فأعطاني الله ما منعت وأنا أدعوك اليوم إلى ما دعوتك إليه أمس، فاني لا أرجو من البقاء الا ما ترجو، ولا أخاف من الموت الا ما تخاف، وقد والله رقت الأجناد، وذهبت الرجال، ونحن بنو عبد مناف ليس لبعضنا على بعض فضل الا فضل لا يستذل به عزيز، ولا يسترق به حر، والسلام.
فلما انتهى كتابه إلى أمير المؤمنين (ع) وقرأه، قال: العجب لمعاوية وكتابه، ثم دعا (ع) كاتبه عبيد الله بن أبي رافع، فقال: أكتب إلى معاوية: