أما بعد فإني قد وليت مقدمتي (1) زياد بن النضر وأمرته عليها، وشريح على طائفة منها أمير، فإن أنتما جمعكما بأس فزباد بن النضر على الناس، وإن افترقتما فكل واحد منكما أمير [على] الطائفة التي وليناه أمرها. واعلما أن مقدمة القوم عيونهم، وعيون المقدمة طلائعهم (2) فإذا أنتما خرجتما من بلادكما فلا تسأما من
(1) مقدمة الجيش - بكسر الدال -: هم القوم الذين لهم نجدة وذكا ويقدمون أنفسهم أمام الجيش للتحفظ على المصالح، والتجنب عن المضار.
وأما معنى مقدمة الجيش - بفتح الدال -: فهم الجماعة التي يقدمها أمير الجيش قدام جيشه ليتوصلوا بحزمهم وبطولتهم وشدة محبتهم لقومهم إلى جلب المصالح، وطرد المكاره، وغير خفي ان الأوصاف المذكورة - من النجدة والذكاء والحزم والبطولة وفرط المحبة وغيرها مما يلازمها - غير مأخوذة في لفظة (المقدمة) وإنما هي بحسب الغالب من اللوازم الخارجية للمقدمة، وليست بمدلول لفظي لها.
(2) المراد من (العيون) هنا اما السادة والشرفاء من الجيش، إذ يطلق العين على النفيس من كل شئ، أو المراد منها ما يقابل السمع والاذن، وعلى الثاني يصح أن يراد من (العيون) حقيقة العضو المخصوص ادعاء ومبالغة اي ان المقدمة عين الجيش وباصرته التي بها يرون الأشياء، ويتبين لهم الضار والنافع، ويصح أيضا ان يراد من (العيون) على المعنى الثاني المراقب - من باب ضرب نقما): عاب عليه. و (الاحداث): البدع. وهو جمع حدث.