فتجاملونهم وتصبرون عليهم وهم لا مجاملة لهم ولا صبر لهم على شيء وحيلهم وسواس بعضهم إلى بعض فإن أعداء الله إن استطاعوا صدوكم عن الحق فيعصمكم الله من ذلك فاتقوا الله وكفوا ألسنتكم إلا من خير.
وإياكم أن تزلقوا ألسنتكم بقول الزور والبهتان والإثم والعدوان فإنكم إن كففتم ألسنتكم عما يكرهه الله مما نهاكم عنه كان خيرا لكم عند ربكم من أن تزلقوا ألسنتكم به فإن زلق اللسان فيما يكره الله وما ينهى عنه مرادة للعبد عند الله ومقت من الله وصم وعمي وبكم يورثه الله إياه يوم القيامة فتصبروا كما قال الله: ﴿صم بكم عمي فهم لا يرجعون﴾ (١) يعني لا ينطقون ﴿ولا يؤذن لهم فيعتذرون﴾ (2).
وإياكم وما نهاكم الله عنه أن تركبوه وعليكم بالصمت إلا فيما ينفعكم الله به من أمر آخرتكم ويأجركم عليه وأكثروا من التهليل والتقديس والتسبيح والثناء على الله والتضرع إليه والرغبة فيما عنده من الخير الذي لا يقدر قدره ولا يبلغ كنهه أحد، فاشغلوا ألسنتكم بذلك عما نهى الله عنه من أقاويل الباطل التي تعقب أهلها خلودا في النار من مات عليها ولم يتب إلى الله ولم ينزع عنها وعليكم بالدعاء فإن المسلمين لم يدركوا نجاح الحوائج عند ربهم بأفضل من الدعاء والرغبة إليه والتضرع إلى الله والمسألة له فارغبوا فيما رغبكم الله فيه وأجيبوا الله إلى ما دعاكم إليه لتفلحوا وتنجوا من عذاب الله وإياكم أن تشره أنفسكم إلى شيء مما حرم الله عليكم فانه من انتهك ما حرم الله عليه ههنا في الدنيا حال الله بينه وبين الجنة ونعيمها ولذتها وكرامتها القائمة الدائمة لأهل الجنة أبد الآبدين.
واعلموا انه بئس الحظ الخطر لمن خاطر الله بترك طاعة الله وركوب معصيته فاختار أن ينتهك محارم الله في لذات دنيا منقطعة زائلة عن أهلها على خلود نعيم في