الله]. قال ابن مهزيار: فصرت إلى رحلي أطيل التفكر حتى إذا هجم الوقت، فقمت إلى رحلي وأصلحته، وقدمت راحلتي وحملتها وصرت في متنها حتى لحقت الشعب، فإذا أنا بالفتى هناك يقول: أهلا وسهلا بك يا أبا الحسن طوبى لك فقد أذن لك، فسار وسرت بسيره حتى جاز بي عرفات ومنى، وصرت في أسفل ذروة جبل الطائف، فقال لي: يا أبا الحسن أنزل وخذ في أهبة الصلاة، فنزل ونزلت حتى فرغ وفرغت، ثم قال لي: خذ في صلاة الفجر وأوجز، فأوجزت فيها وسلم وعفر وجهه في التراب، ثم ركب وأمرني بالركوب فركبت، ثم سار وسرت بسيره حتى علا الذروة فقال:
المح هل ترى شيئا؟ فلمحت فرأيت بقعة نزهة كثيرة العشب والكلاء، فقلت: يا سيدي أرى بقعة نزهة كثيرة العشب والكلاء، فقال لي: هل ترى في أعلاها شيئا؟ فلمحت فإذا أنا بكثيب من رمل فوقه بيت من شعر يتوقد نورا، فقال لي: هل رأيت شيئا؟ فقلت: أرى كذا وكذا، فقال لي: يا ابن مهزيار طب نفسا وقر عينا فإن هناك أمل كل مؤمل، ثم قال لي: انطلق بنا، فسار وسرت حتى صار في أسفل الذروة، ثم قال: انزل فههنا يذل لك كل صعب، فنزل ونزلت حتى قال لي: يا ابن مهزيار خل عن زمام الراحلة، فقلت: على من أخلفها وليس ههنا أحد؟ فقال: إن هذا حرم لا يدخله إلا ولي، ولا يخرج منه إلا ولي، فخليت عن الراحلة، فسار وسرت فلما دنا من الخباء سبقني، وقال لي: قف هناك إلى أن يؤذن لك، فما كان إلا هنيئة فخرج إلي وهو يقول: طوبي لك قد أعطيت سؤلك، قال: فدخلت عليه صلوات الله عليه وهو جالس على نمط عليه نطع أديم أحمر متكئ على مسورة أديم، فسلمت عليه ورد علي السلام، ولمحته فرأيت وجهه مثل فلقة قمر، لا بالخرق ولا بالبزق، ولا بالطويل الشامخ، ولا بالقصير اللاصق، ممدود القامة، صلت الجبين، أزج الحاجبين، أدعج العينين، أقنى الانف سهل الخدين، على خده الأيمن خال. فلما أن بصرت به حار عقلي في نعته وصفته، فقال لي: يا ابن مهزيار كيف خلفت إخوانك في العراق؟ قلت:
في ضنك عيش وهناة، قد تواترت عليهم سيوف بني الشيصبان فقال: قاتلهم