نهوضا، ونواشط الوحش لو تجد نحوك مجازا، تهتز بك أطراف الدنيا بهجة، وتنشر عليك أغصان العز نضرة، وتستقر بواني الحق في قرارها، وتؤوب شوارد الدين إلى أوكارها، تتهاطل عليك سحائب الظفر، فتخنق كل عدو، وتنصر كل ولي، فلا يبقى على وجه الأرض جبار قاسط ولا جاحد غامط، ولا شانئ مبغض، ولا معاند كاشح، ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شئ قدرا.
ثم قال: يا أبا إسحاق ليكن مجلسي هذا عندك مكتوما إلا عن أهل التصديق والاخوة الصادقة في الدين، إذا بدت لك أمارات الظهور والتمكن فلا تبطئ بإخوانك عنا وباهر المسارعة إلى منار اليقين وضياء مصابيح الدين تلق رشدا إن شاء الله.
قال إبراهيم بن مهزيار: فمكثت عنده حينا أقتبس ما أؤدي إليهم من موضحات الاعلام ونيرات الاحكام، وأروي نبات الصدور من نضارة ما ادخره الله في طبائعه من لطائف الحكم وطرائف فواضل القسم، حتى خفت إضاعة مخلفي بالأهواز لتراخي اللقاء عنهم فاستأذنته بالقفول، وأعلمته ما أصدر به عنه من التوحش لفرقته والتجرع للظعن عن محاله، فأذن وأردفني من صالح دعائه ما يكون ذخرا عند الله ولعقبي وقرابتي إن شاء الله.
فلما أزف ارتحالي وتهيأ اعتزام نفسي غدوت عليه مودعا ومجددا للعهد وعرضت عليه مالا كان معي يزيد على خمسين ألف درهم وسألته أن يتفضل بالامر بقبوله مني، فابتسم وقال: يا أبا إسحاق استعن به على منصرفك فإن الشقة قذفة وفلوات الأرض أمامك جمة، ولا تحزن لاعراضنا عنه، فإنا قد أحدثنا لك شكره ونشره وربضناه عندنا بالتذكرة وقبول المنة فبارك الله فيما خولك، وأدام لك ما نولك، وكتب لك أحسن ثواب المحسنين، وأكرم آثار الطائعين، فإن الفضل له ومنه، وأسأل الله أن يردك إلى أصحابك بأوفر الحظ من سلامة الاوبة، وأكناف الغبطة، بلين المنصرف، ولا أوعث الله لك سبيلا، ولا حير لك دليلا، وأستودعه نفسك وديعة لا تضيع ولا تزول، بمنه ولطفه إن شاء الله.