والامر الثاني:
انصراف علماء الشيعة في جانب التخصص العلمي إلى تحصيل العلوم الممهدة لاستنباط الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية، ومن ثم عنوا بتدارس آيات الاحكام، وروايات الاحكام دراسة وافية مستوعبة جيلا بعد جيل حتى عصرنا الحاضر، إلى حد يحصل معه الاطمئنان عند الباحث المتتبع أن الاحكام الاسلامية - مع كل تلك العناية الشديدة على مر العصور في المحافظة عليها وتدارس رواياتها - وصلت إلينا سليمة في هذا العصر.
وفي مقابل هذه العناية الشديدة بروايات الاحكام ورواتها وكتبها جيلا بعد جيل، نجد تقصيرا معيبا في تدارس روايات السيرة والتاريخ والتفسير والآداب الاسلامية، وغيرها من صنوف العلوم الاسلامية. وكان نتيجة ذلك:
أولا - ضياع مصادر الدراسات الاسلامية من مصنفات أصحاب أئمة أهل البيت كما ذكرناه.
ثانيا - تسامح علماء الشيعة لدى رجوعهم إلى روايات التواريخ والسير والتفسير ومعرفة البلاد وفنون أخرى، واعتمادهم - أحيانا - على كتب مثل تاريخ الطبري (ص) وروايات كعب الأحبار، ووهب بن منبه (ق) ونظائرهما في التفسير.