فيهما (قل هو الله أحد) ألف مرة طمعا أن أرى النبي صلى الله وعليه وسلم في منامي فأعرض عليه هذه الأصول فأتت علي ليلة باردة فاغتسلت وصليت ركعتين ثم أخذت مضجعي فأصابني حلم، فقمت ثانية فاغتسلت وصليت ركعتين، وفرغت منهما قريبا من الفجر فاستندت إلى الحائط ووجهي إلى القبلة إذ دخل علي النبي صلى الله وعليه وسلم ووجهه كالقمر ليلة البدر وعنقه كإبريق فضة فيه قضبان الذهب على النعت والصفة، وعليه بردتان من هذه اليمانية قد إتزر بواحدة وارتدى بأخرى، فجاء واستوفز على رجله اليمنى وأقام اليسرى فأردت أن أقول: حياك الله فبادرني وقال: حياك الله وكنت أحب أن أرى رباعيته المكسورة فتبسم فنظرت إلى رباعيته فقلت: يا رسول الله! إن الفقهاء والعلماء قد اختلفوا علي وعندي أصول من السنة أعرضها عليك فقال: نعم فقلت:
الرضا بقضاء الله: والتسليم لأمر الله والصبر على حكم الله: والأخذ بما أمر الله، والنهي عما نهى الله عنه، والاخلاص بالعمل لله، والإيمان بالقدر خيره وشره من الله، وترك المراء والجدال والخصومات في الدين، والمسح على الخفين، والجهاد مع أهل القبلة، والصلاة على من مات من أهل القبلة سنة، والإيمان يزيد وينقص، قول وعمل، والقرآن كلام الله، والصبر تحت لواء السلطان على ما كان فيه من جور وعدل ولا يخرج على الآمر بالسيف وإن جاروا، ولا ينزل أحد من أهل التوحيد جنه ولا نار، ولا يكفر أحد من أهل التوحيد بذنب وإن عملوا الكبائر، والكف عن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم - فلما أتيت: والكف عن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم بكى حتى علا صوته - و أفضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي. قال محمد بن عكاشة:
فقلت في نفسي في علي: ابن عمه وختنه. فتبسم عليه السلام كأنه قد علم ما في نفسي. قال محمد: فدمت ثلاث ليال متواليات أعرض عليه هذه الأصول كل ذلك أقف عند عثمان وعلي فيقول لي عليه السلام: ثم عثمان ثم علي. ثم عثمان ثم علي: ثلاث مرات. قال: وكنت أعرض عليه هذه الأصول وعيناه تهملان بالدموع قال: فوجدت حلاوة في قلبي وفمي فمكثت ثمانية أيام لا آكل طعاما ولا أشرب شرابا حتى ضعفت عن صلاة الفريضة فلما أكلت ذهبت تلك الحلاوة واللذة والله شاهد علي وكفى بالله شهيدا.
وقال أمير المؤمنين المتوكل رحمه الله لأحمد بن حنبل رضي الله عنه: يا أحمد!