قال الأميني: سيوافيك البحث الضافي في الجزء العاشر إنشاء الله تعالى حول التكبيرة في الصلاة عند كل رفع وخفض وأنها سنة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وآله تسالمت عليها الأمة، وعمل بها الصحابة، واستقر عليها إجماع أئمة المذاهب، وهذا الحديث يعطينا خبرا بأن أول من تركها هو عثمان وتبعه معاوية وبنو أمية، وما زال الناس على هذا المزن وتمرنت عليه الأمة طوعا أو كرها حتى ضاعت السنة الثابتة ونسيت، وكان من جاء بها يعد أحمقا كأنه ارتكب بأمر إمر شاذ عن الشرع المقدس، والتبعة في ذلك كله على الخليفة البادي بترك سنة الله التي لا تبديل لها. قال الزرقاني في شرح الموطأ 2: 145: ولأحمد عن عمران: أول من ترك التكبير عثمان حين كبر، وللطبري عن أبي هريرة: أول من ترك معاوية، وأبي عبيد: أول من تركه زياد. ولا ينافي ما قبله لأن زيادا تركه بترك معاوية، وكأنه تركه بترك عثمان وقد حمله جماعة من العلماء على الاخفاء. ه.
وتبرير عمل عثمان بالحمل علي الاخفاء يأباه صريح لفظ ترك. وإنما يخبر ابن حصين عن تكبير أمير المؤمنين في الهوي والانتصاب لا عن جهره به، والسائل إنما يسأله عن أول من تركه لا عمن خافت به أولا، ويزيفه ما يأتي عن ابن حجر والشوكاني وغيرهما من قولهم كما سمعت عن الزرقاني: كان معاوية تركه بترك عثمان. ولم يؤثر عن معاوية غير الترك والتنقيص كما يأتي حديثه بلفظ نقص، وقد اتبع إثر عثمان في أحدوثته فإلى الملتقى.
نتاج البحث هذه نبذ قليلة نشرتها يد التاريخ الجانية بعد أن طوى كشحا عن ذكر مهمات ما جرى في ذلك العهد المشحون بالقلاقل، الطافح بالفتن، المفعم بالهنابث، وقد عرفناه جانيا بستر تلكم الحقايق، جنوحا إلى العاطفة، سايرا مع الميول، والتاريخ حر يجب أن يمضي مع الواقع وأن لا يلويه مع القصد تعصب لأحد أو تحيز إلى فئة، لكن القوم لم يسيروا في سرد التاريخ كما يجب عليهم، فطفقوا يحرفون الكلم عن مواضعه، ويثبتون ما يوافق هواهم، ويدعون ما لا يروقهم.
قال الطبري في تاريخه 5: 108: إن الواقدي ذكر في سبب مسير المصريين إلى الغدير (6)