فالحكم أيضا بين مبرهن بالكتاب العزيز كما استدل بذلك الثائرون عليه لما قال لهم: لا تقتلوني فإنه لا يحل إلا قتل ثلاثة: رجل زنى بعد إحصانه. أو كفر بعد إسلامه، أو قتل نفسا بغير نفس فيقتل بها. فقالوا: إنا نجد في كتاب الله قتل غير الثلاثة الذين سميت: قتل من سعى في الأرض فسادا، وقتل من بغى، ثم قاتل على بغيه، وقتل من حال دون شئ من الحق ومنعه ثم قاتل دونه وكابر عليه، وقد بغيت، ومنعت الحق، وحلت دونه وكابرت عليه. الحديث " راجع ص 205 " فنحن لا نعرف وجها للحياد كما ذهب إليه ابن أبي وقاص في القضية وفي المواقف الهائلة بعدها، فالحياد - وإن راق الدكتور - تقاعد عن حكم الله، وتقاعس عن الواجب الديني، وخروج عما قررته الحنيفية البيضاء، نعم: الحياد حيلة أولئك المتشاغبين المتقاعدين عن بيعة إمام المتقين أمير المؤمنين، المتقاعسين عن نصرته، المتحايدين عن حكم الكتاب والسنة في حروبه ومغازيه، عذر تترس به سعد بن أبي وقاص وعبد الله ابن عمر وأبو هريرة وأبو موسى الأشعري ومحمد بن مسلمة السابقون الأولون من رجال الحياد الزائف، والانسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره.
كتاب عثمان بن عفان وأعطف على كتاب عثمان بن عفان للمدرس في كلية اللغة العربية بمصر الأستاذ صادق إبراهيم عرجون نظرة ممعنة حيث يقول في فاتحته: فهذا طراز من البحث في سيرة ثالث الراشدين " عثمان " رضي الله عنه، صورت به حياته صورة لا أعيذها من إجمال غير مجحف بحق، ولا أعضها تفصيل يظهر حجة أو يدفع شبهة.
وقد احتفلت فيه بتحقيق ما احتف بهذه السيرة الأسيفة من عوامل اجتماعية و سياسية، دفعت المجتمع الاسلامي دفعا عاصفا إلى أخطر انقلاب عرفه التاريخ في الاسلام وسيرة عثمان رضي الله عنه حرية بالبحث الممحص الهادئ، ليكشف منها ما سترته الأقاصيص العابثة من فضائل، وما شوهته الروايات الغالطة من محاسن، ويصحح ما غالطت بينها من حقائق، ويزيف ما بهرجه المتقولون من أكاذيب مزورة وحكايات باطلة.