نظرة في أحاديث العهد هذه سلسلة روايات أصفق على وضعها دجالون تتراوح أسانيدها بين أموي و شامي وبصري، وبين عثماني متحامل على سيد العترة، وبين أناس آخرين من ضعيف إلى كذاب إلى متروك إلى ساقط. على أن متونها أكثر عللا من أسانيدها فإن الخضوع لصحتها يستدعي الوقيعة في الصحابة كلهم لأن المنصوص عليه في غير واحد منها: إن الذين أجلبوا على عثمان وأرادوا خلعه أناس منافقون، وفي بعضها: فإن عثمان يومئذ وأصحابه على الحق، وعليكم بالأمين وأصحابه. وقد علمت أن المتجمهرين عليه هم الصحابة كلهم المهاجرون منهم والأنصار ما خلا ثلاثة: زيد بن ثابت، حسان بن ثابت، أسيد الساعدي. أو: هم وكعب بن مالك. وأناس من زعانفة الأمويين، وأين هذا من الاعتقاد بعدالتهم جمعاء كما عند القوم؟ ومن الخضوع لجلالة كثيرين منهم الذين علمت منهم نواياهم الصالحة، وأعمالهم البارة، والنصوص النبوية الصادرة فيهم، وثناء الله تعالى عليهم في كتابه الكريم كما عند الأمة أجمع؟.
ثم إن عثمان وإن كان يتظاهر بامتثال الأمر الموجود في الروايات وغيرها بالصبر وعدم القتال غير أن عمله كان مباينا لذلك لمكاتبته إلى الأوساط الإسلامية يستجلب منها الجيوش لمقاتلة أهل المدينة، ويرى قتالهم قتال الأحزاب يوم بدر، و ينص على أن القوم قد كفروا، فلو اتصلت به كتائب الأمداد يومئذ لألقحها حربا زبونا وفتنة عمياء، وإنما كان ينكص عن النضال لإعواز الناصر لإصفاق الصحابة عليه عدا أولئك الثلاثة وما كانوا يغنون عنه شيئا، ولا سيما حسان بن ثابت الذي لم يكن يجسر أن يأخذ سلب القتيل الذي قتلته امرأة (1).
على أنه لم يتقاعد عن المقاتلة أيضا بمن كان معه من حثالة بني أمية فقد بذلوا كل ما حووه من بسالة وشجاعة، غير أن القضاء الحاتم أخزاهم وحال بينهم وبين النجاح إلى أن لجأوا إلى أم حبيبة فجعلتهم في كندوج ثم خرجوا من المدينة هاربين.
ثم هب أن عائشة كانت نسيت ما روته حين ألبت الجماهير على عثمان وأمرت