بينهم الشجار، ويستتبع ذلك انشقاقا بين الأمة إلى يوم القيامة، فمن مزدلفة إلى بضعة النبوة، ومن جانحة إلى من منعها عن حقها، فكان من الواجب أن يسبق صلى الله عليه وآله وسلم إلى ابنته بتفصيل حكم هذا شأنه قبل أبي بكر.
ألم تكن لأبي بكر مندوحة تصحح إقطاع فاطمة فدكا وردها إليها حتى لا يفتح باب السوءة على الأمة كما ردها عمر إلى ورثة النبي الأقدس، وأقطعهما عثمان مروان وأقطعها معاوية مروان وعمر وبن عثمان ويزيد بن معاوية على الأثلاث، إلى ما رأى فيها الخلفاء بعدهم من التصرف كتصرف الملاك في أملاكهم (1) سل عن صفة أبي بكر هذه فاطمة وهي صديقة يوم خرجت عن خدرها وهي تبكي وتنادي بأعلى صوتها: يا أبت! يا رسول الله! ماذا لقينا بعدك من ابن الخطاب وابن أبي قحافة (2).
وسلها عنها يوم لاثت خمارها على رأسها، واشتملت بجلبابها، وأقبلت في لمة من حفدتها ونساء قومها تطأ ذيولها، ما تخرم مشيتها مشية رسول الله حتى دخلت على أبي بكر وهو في حشد من المهاجرين والأنصار وغيرهم، فنيطت دونها ملاءة، ثم أنت أنة أجهش لها القوم بالبكاء، وارتج المجلس (3) وسلها عنها يوم قالت لأبي بكر: والله لأدعون عليك بعد كل صلاة أصليها.
وسلها عنها يوم ماتت وهي واجدة على أبي بكر، وهي التي طهرها الجليل بآية التطهير، وصح عن أبيها قوله صلى الله عليه وآله وسلم: فاطمة بضعة مني فمن أغضبها أغضبني، يؤذيني ما آذاها، ويغضبني ما أغضبها (4) وقوله: فاطمة قلبي وروحي التي بين جنبي فمن آذاها فقد آذاني (5) وقوله: إن الله يغضب لغضب فاطمة ويرضي لرضاها (6).