عليها فيحفي هذا خبر ذاك ثم ينقله إلى ثالث إلى أن يتسلسل النقل فيشيع؟ والسابر لصحائف دور الخلافة الأولى منذ يوم السقيفة إلى يوم الشورى لا يجد لأمر العصمة في منتديات القوم ذكرا ولا يسمع منه ركزا، وإنما اتخذوا أمر الخلافة كملوكية يتسنى لهم بها الحصول على أمن البلاد وحفظ الثغور وقطع السارق والاقتصاص من القاتل وما إلى هذه من لداتها كما فصلنا القول فيه تفصيلا ج 7 ص 136 وعلى ذلك جرى العلماء والمتكلمون فليس لهم في الشروط النفسانية من العلم والتقوى والقداسة أخذ ولا رد إلا كلمات سلبية حول اشتراطها، ومتى كانت الخلافة عند السلف إمرة دينية حتى يبحثوا عن حدودها؟
ولم تكن إلا سياسة وقتية مدبرة بليل.
وأما ثالثا: فإنا لا نحتج بالاجماع إلا بعد ثبوت حجيته، فإذا ثبتت فإنها لا تختص بمورد دون آخر فيجب أن يكون حجة في الخلافتين معا من أبي بكر وعثمان ذلك على نصبه، وهذا على استباحة قتله، والنقض بخروج ثلاثة أو أربعة من ساقة الأمويين أو ممن يمت بهم ويحمل بين جنبيه نزعتهم في الإجماع على عثمان مقابل بخروج أمة صالحة عن الإجماع الأول من أعيان الصحابة وفي طليعتهم سيد العترة وإمام الأمة أمير المؤمنين علي عليه السلام والإمامان الحسنان والصديقة الطاهرة أصحاب الكساء الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، إلى غيرهم من بني هاشم والعمد والدعائم من المهاجرين والأنصار، ووفاقهم الأخير مشفوعا بالترهيب لا يعد وفاقا ولا يكون متمما للاجماع، فإنهم كانوا مستمرين على آرائهم وإن ألجأتهم الظروف وحذار وقوع الفرقة إن شهروا سيفا وباشروا نضالا إلى المغاضاة عن حقهم الواضح والمماشاة مع القوم كيفما حلوا وربطوا، فهذا مولانا أمير المؤمنين عليه السلام يقول بعد منصرم أيام الثلاثة في رحبة الكوفة: أما والله لقد تقمصها ابن أبي قحافة، وإنه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحى، ينحدر عني السيل، ولا يرقى إلى الطير، فسدلت دونها ثوبا، وطويت عنها كشحا، وطفقت أرتأي بين أن أصول بيد جذاء أو أصبر على طخية عمياء، يهرم فيها الكبير، ويشيب فيها الصغير، ويكدح فيها مؤمن حتى يلقى ربه، فرأيت أن الصبر على هاتا أحجى، فصبرت وفي العين قذى، وفي الحلق شجى:
أرى تراثي نهبا حتى مضى الأول لسبيله فأدلى بها إلى ابن الخطاب بعده. ثم تمثل