بقول الأعشى:
شتان ما يومي على كورها * ويوم حيان أخي جابر فيا عجبا بينا هو يستقيلها في حياته إذ عقدها لآخر بعد وفاته، لشد ما تشطر أضرعيها، فصيرها في حوزة خشناء يغلظ كلمها، ويخشن مسها، ويكثر العثار فيها والاعتذار منها، فصاحبها كراكب الصعبة، إن أشنق لها خرم: وإن أسلس لها تقحم، فمني الناس لعمر الله بخبط وشماس، وتلون واعتراض، فصبرت على طول المدة، وشدة المحنة حتى إذا مضى لسبيله جعلها في جماعة زعم أني أحدهم، فيا لله وللشورى، متى اعترض الريب في مع الأول منهم حتى صرت أقرن إلى هذه النظائر، لكني أسففت إذا سفوا وطرت إذا طاروا، فصغا رجل منهم لضغنه، ومال الآخر لصهره، مع هن وهن إلى أن قام ثالث القوم نافجا حضنيه بين نثيله ومعتلفه، وقام معه بنو أبيه يخضمون مال الله خضمة الإبل نبتة الربيع، إلى أن انتكث فتله، وأجهز عليه عمله، وكبت به بطنته. (1) تعرب هذه الخطبة الشريفة عن رأيه عليه السلام في الخلافة، وكل جملة منها تشهد على عدم العصمة المزعومة، أو تمثل أولئك المعصومين للملأ بعجزهم وبجرهم، أضف إليها قوله عليه السلام من كتاب له إلى معاوية، ذكرت إبطائي عن الخلفاء، وحسدي إياهم، والبغي عليهم، فأما البغي فمعاذ الله أن يكون، وأما الكراهة لهم فوالله ما اعتذر للناس من ذلك، وذكرت بغيي على عثمان وقطعي رحمه فقد عمل عثمان بما قد علمت و عمل به الناس ما قد بلغك. (2) وقوله عليه السلام من خطبة له لما أراد المسير إلى البصرة: إن الله لما قبض نبيه صلى الله وعليه وآله وسلم استأثرت علينا قريش بالأمر ودفعتنا عن حق نحن أحق به من الناس كافة، فرأيت أن الصبر على ذلك أفضل من تفريق كلمة المسلمين وسفك دمائهم، والناس حديثو عهد بالاسلام، والدين يمخض مخض الوطب. يفسده أدنى وهن، ويعكسه أقل خلق، فولي الأمر قوم لم يألوا في أمرهم اجتهادا، ثم انتقلوا إلى دار الجزاء و الله ولي تمحيص سيآتهم والعفو عن هفواتهم. (3).