وأنا بوادي السباع. وقوله: إني إذا نكأت قرحة أدميتها. وهل الأحن بينهما استفحلت فتأثرت بها نفسية ابن العاص حتى أنه اجتهد فأخطأ. أو أنه أصاب الحق، فكان اجتهاده عن مقدمات صحيحة مقطوعة عن الضغائن الثائرة، معتضدة بآراء الصحابة، و أياما كان فهو عند القوم من أعاظم الصحابة العدول يرى في الخليفة هذا الرأي.
- 26 - حديث عامر بن واثلة أبي الطفيل الشيخ الكبير الصحابي قدم أبو الطفيل الشام يزور ابن أخ له من رجال معاوية فأخبر معاوية بقدومه فأرسل إليه فأتاه وهو شيخ كبير فلما دخل عليه قال له معاوية: أنت أبو الطفيل عامر ابن واثلة؟ قال: نعم. قال معاوية: أكنت ممن قتل عثمان أمير المؤمنين؟ قال: لا، ولكن ممن شهده فلم ينصره. قال: ولم؟ قال: لم ينصره المهاجرون والأنصار، فقال معاوية أما والله إن نصرته كانت عليهم وعليك حقا واجبا وفرضا لازما، فإذ ضيعتموه فقد فعل والله بكم ما أنتم أهله وأصاركم إلى ما رأيتم. فقال أبو الطفيل: فما منعك يا أمير المؤمنين!
إذ تربصت به ريب المنون أن لا تنصره ومعك أهل الشام؟ قال معاوية: أو ما ترى طلبي لدمه نصرة له؟ فضحك أبو الطفيل وقال بلى: ولكني وإياك (1) كما قال عبيد بن الأبرص:
لأعرفنك بعد الموت تندبني * وفي حياتي ما زودتني زادي فدخل مروان بن الحكم وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحكم فلما جلسوا نظر إليهم معاوية ثم قال: أتعرفرن هذا الشيخ؟ قالوا: لا. فقال معاوية: هذا خليل علي بن أبي طالب، وفارس صفين وشاعر أهل العراق، هذا أبو الطفيل. قال سعيد بن العاص: قد عرفناه يا أمير المؤمنين! فما يمنعك منه؟ وشتمه القوم فزجرهم معاوية قال:
فرب يوم ارتفع عن الأسباب قد ضقتم به ذرعا ثم قال: أتعرف هؤلاء يا أبا الطفيل؟ قال:
ما أنكرهم من سوء ولا أعرفهم بخير وأنشد شعرا:
فإن تكن العداوة وقد أكنت * فشر عدواة المرء السباب فقال معاوية: يا أبا الطفيل! ما أبقى لك الدهر من حب علي؟ قال: حب أم