وعن عبد الله بن شداد قال: رأيت عثمان رضي الله عنه يوم الجمعة وهو يومئذ أمير المؤمنين وعليه ثوب قيمته أربعة دراهم. وسئل الحسن البصري ما كان رداء عثمان؟ قال: كان قطري. قالوا: كم ثمنه؟ قال: ثمانية دراهم. وكان رضي الله عنه شديد المتواضع، قال الحسن البصري: رأيت عثمان وهو أمير المؤمنين نائما في المسجد ورداؤه تحت رأسه فيجئ الرجل فيجلس إليه، ثم يجئ الرجل فيجلس إليه، فيجلس هو كأنه أحدهم وروى خيثمة قال: رأيت عثمان نائما في المسجد في ملحفة ليس حوله أحد وهو أمير المؤمنين، وفي رواية أخرى لخيثمة أيضا: رأيت عثمان يقيل في المسجد ويقوم وأثر الحصاة في جنبه فيقول الناس: يا أمير المؤمنين! وكان يلي وضوءه في الليل بنفسه فقيل له: لو أمرت بعض الخدم لكفوك، قال: لا، الليل لهم يستريحون فيه، وكان رضي الله عنه يعتق في كل جمعة رقبة منذ أسلم إلا أن لا يجد ذلك تلك الجمعة فيجمعها في الجمعة الأخرى. قال العلامة ابن حجر في الصواعق: إن جملة ما أعتقه عثمان رضي الله عنه ألفان وأربعمائة. ومن تواضعه: أنه كان يردف غلامه خلفه أيام خلافته ولا يعيب ذلك. وكان يصوم النهار ويقول الليل إلا هجعة من أوله. وكان يختم القرآن كل ليلة في صلاته. وكان كثيرا ما يختمه في ركعة، وكان إذا مر على المقبرة يبكي حتى تبتل لحيته، وكان من العشرة المبشرين بالجنة. ومن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم توفي وهو عنهم راض، وكان من السابقين للاسلام، فإنه أسلم بعد أبي بكر وعلي وزيد بن حارثة، و شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة والزهد في الدنيا، فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: رحمك الله يا عثمان! ما أصبت من الدنيا ولا أصابت منك (1) وكثرت الفتوحات في زمن خلافته فقد فتح في زمنه أفريقية وسواحل الأردن وسواحل الروم واصطخر وفارس وطبرستان وسجستان وغير ذلك، وكثرت أموال الصحابة في خلافته حتى بيعت جارية بوزنها، وفرس بمائة ألف، ونخلة بألف، وعن الحسن البصري قال: كانت الأرزاق في زمن عثمان وافرة وكان الخير كثيرا، وأصاب الناس مجاعة في غزوة تبوك فاشترى طعاما يصلح العسكر وأخرج أبو يعلى عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: عثمان في الجنة وقال: لكل نبي خليل
(٢٤٩)