القوم وتثبط عن النهضة لنصرة عثمان لما استنصره (كما سيأتي تفصيله) حتى قتل و معاوية في الخاذلين له.
وأما ابن خالد فقد مجرى أبيه في الفظاظة والغلظة، فلم يعاملهم إلا بالرعونة ولم يجاملهم إلا بالقسوة، وكل إناء بالذي فيه ينضح.
وهاهنا نوقفك على نبذ من أحوال من يهمك الوقوف على حياته الثمينة من أولئك الرجال المنفيين الأبرار، حتى تعلم أن ما تقولوه فيهم وفعلوه بهم في منتأى عنهم، وإنما كان ذلك ظلما وعدوانا، وتعلم أن ابن حجر مائن فيما يصف به الأشتر من المروق (1) غير مصيب في قذفه، متجانف للإثم في الدفاع عن عثمان بقوله: إن المجتهد لا يعترض عليه في أموره الاجتهادية، لكن أولئك الملاعين المعترضون لا فهم لهم بل ولا عقل (2).
الأشتر 1 - مالك بن الحارث الأشتر، أدرك النبي الأعظم وقد أثنى عليه كل من ذكره، ولم أجد أحدا يغمز فيه، وثقة العجلي وذكره ابن حبان في الثقات، ولا يحمل عدم رواية أي إمام عنه على تضعيفه، قال ابن حجر في تهذيب التهذيب 10: 12: قال مهنا: سألت أحمد عن الأشتر يروي عنه الحديث؟ قال: لا. قال: ولم يرد أحمد بذلك تضعيفه، وإنما نفى أن تكون له رواية. وكفاه فضلا ومنعة كلمات مولانا أمير المؤمنين في الثناء عليه في حياته وبعد المنون، وإليك بعض ما جاء في ذلك البطل العظيم:
1 - من كتاب لمولانا أمير المؤمنين كتبه إلى أهل مصر لما ولى عليهم الأشتر:
أما بعد: فقد بعثت إليكم عبدا من عباد الله لا ينام أيام الخوف، ولا ينكل عن الأعداء ساعات الروع، أشد على الفجار من حريق النار. و هو: مالك بن الحارث أخو مذحج فاسمعوا له وأطيعوا أمره فيما طابق الحق، فإنه سيف من سيوف الله، لا كليل الظبة (1) ولا نابي الضريبة، فإن أمركم أن تنفروا فانفروا، وإن أمركم أن تقيموا فأقيموا، فإنه لا يقدم ولا يحجم، ولا يؤخر ولا يقدم إلا عن أمري، وقد