لسنا فاعلي ذلك. فأمر بقبورهم فحفرت وأدنيت أكفانهم، وقاموا الليل كله يصلون فلما أصبحوا قال أصحاب معاوية: يا هؤلاء! لقد رأيناكم البارحة قد أطلتم الصلاة وأحسنتم الدعاء فأخبرونا ما قولكم في عثمان؟ قالوا: هو أول من جار في الحكم وعمل بغير الحق.
فقال أصحاب معاوية: أمير المؤمنين كان أعلم بكم. ثم قاموا إليهم فقالوا: تبرؤن من هذا الرجل؟ قالوا: بل نتولاه ونتبرأ ممن تبرأ منه. فأخذ كل رجل منهم رجلا ليقتله وأقبلوا يقتلونهم واحدا واحدا حتى قتلوا ستة وهم.
1 - حجر 2 - شريك 3 - صيفي 4 - قبيصة 5 - محرز 6 - كدام.
أخذنا من القصة ما يهمنا ذكره راجع الأغاني لأبي الفرج 16: 2 - 11، تاريخ الطبري 6: 141 - 160، تاريخ ابن عساكر 2: 370 - 381، الكامل لابن الأثير 3: 202 - 210، تاريخ ابن كثير 7: 49 - 55.
قال الأميني: هذه نظرية الصحابي العظيم حجر وأصحابه العظماء الصلحاء الأخيار في عثمان فكانوا يرونه أول من جار في الحكم وعمل بغير الحق، وكان حجر يراه من المجرمين فيما جابه به المغيرة بالكوفة، وقد بلغ هو وزملائه الأبرار من ذلك حدا استساغوا القتل دون ما يرونه، وأبوا أن يتحولوا عن عقائدهم، وبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم، فاستمرؤا جرع الموت في سبيلها زعافا ممقرا.
- 11 - حديث عبد الرحمن ابن حسان العنزي الكوفي لما قتل حجر بن عدي سلام الله عليه وخمسة من أصحابه رضوان الله عليهم قال عبد الرحمن بن حسان وكريم بن عفيف الخثعمي (وكانا من أصحاب حجر): ابعثوا بنا إلى أمير المؤمنين فنحن نقول في هذا الرجل مثل مقالته. فبعثوا إلى معاوية فأخبروه فبعث: إئتوني بهما فالتفتا إلى حجر فقال له العنزي: لا تبعد يا حجر! ولا يبعد مثواك فنعم أخو الاسلام كنت. وقال الخثعمي نحوذ لك. ثم مضى بهما فالتفت العنزي فقال متمثلا:
كفى بشفاة القبر بعد الهالك * وبالموت قطاعا لحبل القرائن