وسل عنها أمير المؤمنين وهو الصديق الأكبر يوم قادوه، كما يقاد الجمل المخشوش إلى بيعة عمت شومها الاسلام، وزرعت في قلوب أهلها الآثام، وعنفت سلمانها، وطردت مقدادها، ونفت جندبها، وفتقت بطن عمارها، وحرفت القرآن، وبدلت الأحكام، و غيرت المقام، وأباحت الخمس للطلقاء، وسلطت أولاد اللعناء على الفروج والدماء، و خلطت الحلال بالحرام، واستخفت بالإيمان والاسلام، وهدمت الكعبة، و أغارت على دار الهجرة يوم الحرة وأبرزت بنات المهاجرين والأنصار للنكال والسوءة، وألبستهن ثوب العار والفضيحة، ورخصت لأهل الشبهة في قتل أهل بيت الصفوة وإبادة نسله، واستيصال شأفته، وسبي حرمه وقتل أنصاره: وكسر منبره، وإخفاء دينه، و قطع ذكره. إنا لله وإنا إليه راجعون.
وسل عنها أمير المؤمنين يوم لاذ بقبر أخيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو يبكي ويقول:
يا ابن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني (1).
إلى غير هذه من دلائل كون أبي بكر أرحم الأمة.
وأما كون عمر أشدهم في الدين فمن جلية الواضحات إن الشدة في الدين ليست هي الفظاظة والغلظة فحسب وإنما هي التهالك في التمسك بعروتي الكتاب والسنة و العمل بهما والأخذ والقيام بما جاء فيهما من الحدود، وما أكثر ما خالفهما الرجل ونبذهما وراء ظهره واتخذ برأيه الشاذ عنهما؟ ودع عنك ما جهله منهما. وما قيمة شدة بلا علم؟
وما مقدار شدة مع التنكب عن أساسيات الدين؟ مع الخروج عن طقوس الاسلام، مع التمسك بالأهواء والشهوات؟ راجع نوادر الأثر في علم عمر من الجزء السادس ص 83 - 333 ط 2 فإنك تجد هنالك شواهد قوية على إثبات هذه الصفة فاقرأها وتبصر.
وأما كون عثمان أصدقهم حياء فيكفي دلالة عليه الجزء الثامن والتاسع من هذا الكتاب وكل صحيفة منهما آية من آيات صفته تلك، مضافا إلى ما سردناه في هذا الجزء ص 274 - 289 من البحث الخاص في حيائه.
وأما الثلاثة الباقون فلا نطيل البحث عن إثبات ما ذكر لهم، ففيه تضييع للوقت وشغل عما هواهم من ذلك، ومن سبر كتابنا هذا عرف أعلم الأمة وأفرضها وأمينها